التسامح والتصالح جسر العبور إلى الغد
فاجأتني يد الارهاب كما أرعبت وأرهبت فرنسا والعالم ، وانا أغوص في ابعاد يوم التسامح والتصالح الذي أبدعته رجالات الجنوب العربي ، فاجأتني وشردت معها في تفاصيل الحدث والأسباب والمسببات والتطورات على الساحة الباريسية والاوروبية عامة ، فقد اذهلتني وارقتني وازعجتني صورة قتل الشرطي بالضربة القاضية وبدم بارد من قبل إرهابي زرع الرعب والموت باسم الدين وباسم الاسلام والانتقام للنبي المصطفى .... وطاف ببالي إرهاب الدولة الصهيونية وما افرزه من ويلات طوال اكثر من نصف قرن وما زال على شعب فلسطين ولبنان وسوريا ومصر والاردن بدم بارد وبعدوانية تجاهلت قسوتها بل وايدتها دول الغرب في المنابر الدبلوماسية ،وثم تتالت صور حروبنا الداخلية ومستوى التعذيب والترهيب الذي مارسناه فيما بيننا الى ان اعلنت القاعدة في اليمن تبني عملية باريس الارهابية فعدت إلى اليمن إلى لب الموضوع إلى يوم التسامح والتصالح.
عدت إلى انجاز حضاري رفيع المستوى سطرته قوى الجنوب العربي يستمد قوته من تاريخ ناصع وتقاليد عريقة وصلابته من سماحة الاسلام وصفوته من اخلاق النبي الكريم ، هذه الاخلاق التي يعمل كل مسلم جاهدا" على التحلي بها وانتهاجها .
ولكن .... هل هذا هو حال العالم اليوم عامة والعالم العربي والاسلامي خاصة؟ ، هل نبحث فيما بيننا عن كلمة سواء مرتبطة ونابعة من التخلق بأخلاق النبي وسمو خصائصه؟ ام نبحث عما يشرذمنا ويوسع الفرقة بيننا متكلين على نصوص ونصوص مضادة ضاربين عرض الحائط بالوافر من النصوص التي تردنا إلى التسامح والتصالح .
هل من اخلاقنا ان نبادل من احسن الينا بالإساءة... ؟ هل احسنت الدول الأوروبية إلينا أم أساءت... ؟ صور عديدة للإسلام تفرزها مجموعات اسلامية متعددة في اوروبا والعالم. تبرز اسئلة لا متناهية العدد تتخبط بعضها أجوبة متعددة متسارعة متضاربة متوافقة تجهد كي تعطي صورة صافية للإسلام. ولكن .....
كم هو بحاجة الى العودة الى الذات هذا العالم ،و يحذو حذو الجنوب العربي في التعاهد على التصالح والتسامح او التسامح والتصالح لا يهم ايا يسبق الاخر ، فالمهم هو التسامح والتصالح معا " ليكونا جسر عبور الى الغد العربي والاسلامي القادم وليس جديدا" على عدن والتاريخ يشهد ان تقدم للعالم نموذجا" حضاريا "تقتبسه مجتمعات بأمسّ الحاجة الى بلسم يضمد الجراح وينقى القلوب ويجدد الحياة .
عشية الثالث عشر من يناير لابد من تحية إكبار الى رجالات صنعت تاريخ الجنوب العربي والى أرواح شهداء اسسوا وبنوا صروح التسامح والتصالح .بارك الله بأيد متشابكة على صيغة التسامح والتصالح تجسد صورة عن الاسلام السمح بخلاف صورة يظهرها ويضخمها البعض .
عاش الجنوب العربي حرا" متصالحا" متسامحا" أبيا" كريما ".
* ( كاتبة لبنانية )