هل فعلاً يعيش ساستنا وحكامنا في عالم آخر ؟

في الولايات المتحدة الأمريكية حكومة يرأسها الرئيس وفيها 14 وزارة  ،والحال كذلك في بريطانيا التي لا يتجاوز عدد وزراءها 23 وزيراً ، وهناك  15 وزيراً  يخدمون الجمهورية الفرنسية، كما أن الصين ذات الحجم السكاني البالغ  مليار و300 مليون نسمة (خمس سكان الكرة الأرضية) التي غزت كل اقتصاديات العالم بما فيها أسواق الولايات المتحدة الأمريكية، يبلغ عدد الوزراء فيها 27 وزيراً، والحال ينطبق كذلك على معظم الدول الصناعية الكبرى التي ترنو إلى الفضاء بأقل عدد من الوزراء ..                                                         

 

نحن في اليمن وبالرغم من مشاكلنا المتفاقمة وعلى رأسها المديونية والبطالة والفقر والجهل والمرض والفساد ، وغيرها من المشكلات ؛ إلا أن عدد الوزراء في حكوماتنا المتعاقبة يفوق عدد وزراء كل من الولايات المتحدة وفرنسا مجتمعتين وهما الدولتين العظميين ، كما يفوق عدد وزراء حكوماتنا عدد الوزراء في حكومات دول عظمى مثل روسيا وبريطانيا والصين ودول صناعية أخرى ، والأدهى من كل ذلك أن هيبة الدولة في اليمن بالرغم من ضخامة حكومتها ما تزل ضعيفة ، وغير قادرة على حل أي من المشاكل والمخاطر التي تعصف بالوطن وتطحن المواطن صباح ومساء .                                                                                          

 

لقد شُكلت الحكومة الجديدة (حكومة الدكتور خالد بحاح) مؤخراً وسميّ وزراءها بعد مخاض طويل وعسير مشتملة على 36 حقيبة وزارية ،وكأن اليمن تعيش في وضع اقتصادي ومالي أفضل من الولايات المتحدة وفرنسا أو الصين أو بريطانيا أو ألمانيا أو روسيا ، أوانها قد بلغت منزلة اقتصادية وصناعية ورفاهية اجتماعية تجاوزت بها هذه  الدول العظمى ،وبالتالي كان لابد لها من أن تتجاوز هذه الدول أيضاً في عدد وزارات حكوماتها.                                               

 

لقد علق وزير الأوقاف والارشاد السابق القاضي حمود الهتار، على قرار تشكيل وتسمية أعضاء الحكومة الجديدة ، وأكد في تعليقه أن حكومة الدكتور بحاح عبارة عن حكومة انهيار اقتصادي، وأوضح أن قرار تشكيل الحكومةبـ36 حقيبة وزارية، يُعد مؤشر خطير على عدم وجود إرادة سياسية لإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والإدارية. وكتب معلقاً ( خلافاً لما كان متوقعاً من إعادة هيكلة وظائف الدولة، وتخفيض عدد الوزارات، وأعضاء مجلس الوزراء من (35) وزيراً الى (17) وزيراً، وتخفيض نفقات التشغيل وأبواب وبنود الموازنة العامة للدولة بنسبة 50% عدا المرتبات والمشاريع الاستثمارية؛ بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تنذر بانهيار اقتصادي وشيك، جاء القرار الجمهوري رقم (140) لسنة 2014م بتشكيل الحكومة وتسمية اعضائها من رئيسٍ و(32) وزير وزارة و(3) وزراء دولة، متجاوزاً عدد أعضاء مجالس الوزراء في كلٍ من : الولايات المتحدة الأمريكية (15) وزيراً - والمملكة العربية السعودية (23) وزير وزارة (4) وزراء دولة وغيرها من الدول الصناعية الكبرى ومنها الصين وروسيا، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وكأن اليمن دولة اقتصادية كبرى تنافس الدول الكبرى على قيادة العالم ، وأن مستوى دخل الفرد فيها أكثر من تلك الدول ، وأن ما تصفه التقارير الدولية ان مستوى دخل الفرد هو الاقل على مستوى الدول العربية، وان اكثر من 50 % من سكانها يعيشون تحت مستوى خط الفقر ، وان نسبة البطالة اكثر من 40 % ، وأن الحكومة غير قادرة على دفع مرتبات الموظفين ابتداءً من العام القادم 2015م، فضلاً عن عدم قدرتها على سداد ديونها الداخلية والخارجية التي تصل الى نحو 22 مليار دولار غير صحيح .

 

وإن قرار تشكيل الحكومة على النحو السالف الذكر مؤشرٌ خطير على عدم وجود إرادة سياسية لإصلاح الأوضاع السياسية والإدارية والاقتصادية، وعدم إدراك حكام اليمن لحقيقة الأزمة الاقتصادية وأبعادها ، والإجراءات الواجبة الإتباع للحد منها والتخفيف من آثارها، أو أنهم يعيشون في عالم آخر غير عالمنا ) .. فهل فعلاً يعيش ساستنا وقادتنا وحكامنا في عالم آخر كما يقول القاضي الهتار ؟؟  أم أنهم يعتقدون أن هيبة الدولة وقوتها في زيادة عدد وزراءها ، وبالتالي لن تكتفي هذه الحكومة بحل المشكلات الراهنة فقط ، بل ستتجاوز كل المشكلات وستصعد بنا إلى المريخ أو أبعد من ذلك ، سيما وأنها – أي الحكومة – قد فاق عدد وزراءها  عدد وزراء حكومتي الولايات المتحدة والجمهورية الفرنسية مجتمعتين .. نأمل ذلك ..!!    

 

 

مقالات الكاتب