الرئيس الجنوبي الشرعي!!

مشكلة الرئيس (الشرعي) للجنوب أنه لم يكن يوماً رئيساً لدولة الجنوب (الشرعية) : جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي قضى عليها في 22مايو1990 ؛ بل الأمين العام لحزبها الحاكم الوحيد . ولم يكن ذلك إشكالا حينها ؛ إذ كان الموقع الأول في الحزب هو الموقع الأول في البلاد ودولتها ، دون الحاجة إلى موقع رئاستها الشرفي . بيد أن المشكلة ظهرت خلال السنوات الأخيرة ، خاصة وأن اثنين من زملائه قادة الجنوب السابقين يحمل كل منهما لقب الرئيس (السابق) ، دونه هو .

 

لكن أذكياء المقربين من الرجل الأول في الجنوب حتى 21مايو1990 اهتدوا بدهائهم الاستثنائي إلى حلٍّ طريفٍ لهذه المشكلة قبل أن تتعقد ، لا يتساوى به فقط ، بل يتميز به الرجل على زملائه السابقين والغابرين جميعا ، وذلك باللقب المبتكر (الرئيس الشرعي) للجنوب ! مستندين في ذلك إلى توليه موقع رئيس مجلس رئاسة الدولة التي أَعْلَن بها انفصال الجنوب عن الجمهورية اليمنية نتيجةً لحرب 1994 : جمهورية اليمن الديمقراطية 21مايو-7يوليو1994 .

 

المفارقة أن تلك الدولة لم تعترف بها أي دولة أو منظمة شرعية أجنبية أو عربية في العالم ؛ بل أن غالبية شعب الجنوب نفسه لم تعترف بها ؛ أي أن الدولة التي يستمد الرجل شرعيته منها هي نفسها دولة بلا شرعية !! ومع ذلك فهو الرئيس (الشرعي) للجنوب ؛ وهي شرعية ينفرد بها وحده دون - حتى- نائبه وأعضاء مجلس الرئاسة ورئيس الحكومة في تلك الدولة غير الشرعية . إنه دون كيخوتِ الجنوبِ المدمِّرُ ، وبطلُهُ الشرعيُّ الأوحد بلا منازع : بطل الوحدة الكارثية على الجنوب في 1990 ؛ وبطل الانفصال الكارثي على الجنوب في 1994 ؛ وبطل الانقسام الكارثي على الجنوب اليوم .

 

لقد سخطتُ على أحد الإعلاميين العرب – وهممت بالرد عليه ، ولم أفعل لحسن الحظ – حين كتب عنه مقالاً حاداً عقب 21/5/2009 عنوانه بحسب ما أتذكر : ليته سكت . وللمفارقة - هنا أيضاً - أنني ما سمعت هذا الرئيس (الشرعي) يتكلم قط ، خلال السنوات الأربع الفائتات ، إلا ووجدتني أردد مع سامي كليب : ليته سكت ! أما أخص ما أتمنى فيه سكوته ، فحين أسمع من كان أمين عام الاشتراكي (اليمني) ، وزعيم (اليمن) الديمقراطية الشعبية (دولة الجنوب الشرعية) ، ونائب رئيس الجمهورية (اليمنية) ، ورئيس (اليمن) الديمقراطية (دولة الجنوب غير الشرعية التي أعلنها)، وهو يتحدث -دون طرفة عين- عن الاحتلال ( اليمني ) للجنوب .

 

وحين يجرؤ على الإعلان –دون ذرة من حياء- أنه ليس يمنياً ، ولا يمنياً جنوبياً ؛ وإنما : جنوبي عربي (...) ألا يدري هذا الرئيس (الشرعي) أنه بذلك يدين نفسه بالعته وبانعدام الأهلية حتى لقيادة بضعة من الناس ؛ إذ يعلن للدنيا كلها أن شباباً صغاراً علموه بعد أن تجاوز السبعين من العمر أنه قضى تاريخه الحافل كله وهو يحمل هُوِيَّةً خاطئة لم يتنبه لها إلا بعد أن ابتعد كثيراً عن سن النضج ، إن كان قد مر به أصلا . ألا رحم الله حكيم العرب زُهيرَ بنَ أبي سُلمى ، القائل : وإنَّ سَفَاهَ الشَّيخِ ، لا حِلْمَ بعدَهُ // وإنَّ الفتى – بعدَ السَّفاهةِ – يحلُمِ !

مقالات الكاتب