المقاومة الفلسطينية تنجح في افشال مساعي "نسيان القضية"
خلال السنوات الأخيرة عمل الصهاينة على إرساء فكرة تحويل قضية الصراع العربي الفلسطيني إلى قضية تخص الفلسطينيين كشعب محصور في الأراضي المحتلة ، ولاجل هذا ذهبت الجهود الصهيوني وخلفها الولايات المتحدة الامريكية للاستفراد بكل قطر عربي على حدة ، ومحاولة بناء شبكة علاقات خاصة بهذا القطر تحت مبرر أن لاعداء بينكم وبين اسرائيل ، وبالتالي لابد من تطبيع العلاقات بين دولكم وبينها ، وتسارعت الجهود في هذا الجانب ، وبدأ لبعض الوقت أن قضية الصراع العربي الصهيوني قد نُسيت وتم شطبها من أولويات الأمة العربية سواءً على مستوى الأقطار أو على مستوى الجامعة العربية التي ينبغي أن تحمل تطلعات وهموم العرب كقومية أصيلة لايمكن أهمالها أو القفز عليها.
تركزت الجهود الصهيونية في تأصيل سلوك "نسيان القضية" أو على الاقل تجزئتها خلال السنوات الأخيرة الماضية لكن عملية "طوفان الأقصى" وما تبعتها من تطورات كان لها الدور الفاعل في إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة ، وبالتالي أعادت دوائر القرار في أغلب البلدان العربية حساباتها بشان الصراع العربي الفلسطيني ، وخاصة وسط تحركات الشعوب التي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها لازالت حيّة ومتمسكة بالحق العربي الأصيل في مساندة اهل الأرض في استعادة حقهم وطرد الغازي الدخيل الذي لايملك الحق بالتحكم بمصير الأرض والانسان والمقدسات.
الثابت اليوم أن المقاومة الفلسطينية نجحت بامتياز في إعادة تشكيل الموقف ليس فقط ببعديه العربي والإسلامي وإنما يشمل ذلك البعد الدولي مع تفاوت بالتأكيد في مدى الاستجابة والتأثير ، وأما نجاحها في تعديل ميزان القوة على الأرض فذلك يبدو واضحاً من خلال الخسائر التي مُني ويمْنى بها الصهاينة منذ انطلاق "طوفان الأقصى" ، إضافة إلى ذلك فإن الجنون الانتقامي هو خير شاهد عن مدى الألم والوجع الذي انحط به الصهاينة في مشهد نادر لم يتكرر منذ خمسون عاماً ، وكل المؤشرات الحالية تقول إنه قابل للتكرار وأن القادم لن يكون كالماضي ، فالمعادلة تغيرت واللاعبون صاروا كباراً في خبراتهم وتجهيزاتهم وتكتيكياتهم.
يوماً ما وفي طريق التطبيع المخزي تعلل بعض المطبعين أن فلسطين تخلى عنها أهلها! وأن هؤلاء المطبعون ليسوا وكلاء لاهل الأرض الاصليين ، وكان هذا التعليل جزء من استراتيجيات الصهاينة لجر الأنظمة الحاكمة في المنطقة إلى "حضيرة التطبيع" لكن هذا التعليل المبني على فرضية باطلة سقط أمام ما حصل خلال هذا الشهر في غــزة وما حولها ، وتبين للجميع أن المقاومة الفلسطينية لم ولن تتخلى عن قضيتها ولن تنساها ، وسقطت حجج أولئك المرجفون وتعرت كل أكاذيبهم التي نمت وترعرعت برعاية ونظر دوائر المخابرات الصهيونية ومن يقف معها أو يعمل وكيلاً لها.
صحيح أن الألم الغزاوي أكبر من أن نصفه أو ندركه لكن الحقيقة التي ندركها أن أهل الأرض والحق ثابتون في أماكنهم لايتزحزحون قيد أنملة ، ومع حجم المعاناة التي تتجاوز الوصف لايزالون يحملون لواء قضيتهم العادلة ويدافعون عنها بما استطاعوا ، وحريٌّ بالإنسانية جمعاء أن تكون في صفهم لتسود العدالة ويذهب الغاصب إلى حيث جاء ، ويعود المشرد إلى داره وزيتونه ومسجده وكنسيته.
دمتم سالمين..