جمهوريون للأبد
ليس بجديد ما ظهر جلياً من جنون حوثي هذا العام في مواجهة المحتفلين بثورة 26سبتمبر المجيدة فهذه السلوكيات المتكررة تترجم ارتباط المشروع الحوثي بالإمامة ، كما تؤكد سعي الحوثيين الحثيث لاستعادتها ومحاولاتهم الفاشلة لتحسين الوجه الإمامي الكالح السواد ، لكن الملفت في المشهد هو كيفية مواجهه اليمنيون في مناطق سيطرة المليشيات هذه الممارسات ، وتمسكهم رغم القمع بالاحتفال بالذكرى ، ورفع الأعلام الوطنية التي تؤكد ارتباطهم بالجمهورية السبتمبرية التي أهالت التراب على دولة الكهنوتي أحمد حميدالدين وأعلنت انتهاء حكم الأئمة للأبد.
طوال تسع سنوات تركز الجهد الحوثي المدعوم من إيران وأتباعها وأدواتها في المنطقة على محو كل مايرتبط بالجمهورية بعد اسقاطها سياسياً باحتلال العاصمة ونهب وتدمير مؤسسات الدولة ، وتلى ذلك تسخير الأموال والامكانات والجهود لنشر وتوطيد المشروع الطائفي ، وادخال البلد في حرب ضربت كل مقومات الحياة ، وتغيير المناهج التعليمية لتخدم الفكر الحوثي الإمامي ، وتكثيف المراكز والدورات الطائفية ، وتحويل الإعلام إلى بؤرة لتحسين وجه الأمامة البائدة ، والطعن في كل المبادئ والقيم التي ارتكز عليها النظام الجمهوري ، ومحاولة تغيير كل القناعات والبديهيات الجمعية التي يؤمن بها اليمنيون فيما يتعلق بتأريخهم وعقيدتهم وانتمائهم الوطني والقومي ، وبذل الجهد لسلخ اليمن عن محيطها وارتباطها بجيرانها وعزلها عن الاقليم والعالم ، وممارسة نفس أساليب الإمامة البائدة في القمع والنهب والقتل والتدمير ومصادرة الحريات وتسخير البلد بامكاناته المادية والبشرية لخدمة السلالة التي تدعي الاصطفاء كذباً وزوراً وتدليساً.
كل هذه الجهود المشينة جعلت الحوثيين يحلمون أنهم سيتمكنون من استعادة مملكتهم الإمامية بأمان ورضى من الشعب! وأن الصمت أو الهدؤ من الناس هو علامة تقبل ورضى! لكن ما حدث أثناء الاحتفال بذكرى الثورة السبتمرية في صنعاء وإب والحديدة أربك حسابات الانقلابيين ، وأكد لهم أننا معاشر اليمنيين جمهوريين حتى النخاع ، مرتبطون بثورتنا لا نحيل ولا نميل ، وكل الجهود والإمكانات التي بذلها هؤلاء المأفونون ذهبت أدراج الرياح ، وأحلامهم الوردية استفاقت على حقائق فرضت ذاتها على الأرض مختصرها أن الجمهورية خط أحمر ، وإنْ صمت الناس أو استكانوا لبعض الوقت فلا يعني أبداً أنهم تخلوا عن قناعاتهم الراسخة رسوخ الجبال ، أو لديهم ذرة استعداد للتصالح مع الإمامة البغيضة التي رمتها ثورة 26سبتمبر إلى مزبلة التاريخ.
المؤكد أن الأحداث الأخيرة تعطينا جرعة أمل وتزودنا بطاقة لاستكمال اسقاط ما تبقى من المشروع الحوثي الأمامي واستعادة الجمهورية ، لكنها بالمقابل تضعنا أمام مسؤلية عظيمة تتحملها الحكومة الشرعية بمختلف هيئاتها تجاه اليمنيين في مناطق سيطرة الانقلاب ، وخاصة أنهم قدموا درساً بيناً ودليلاً مؤكداً لتمسكهم بالجمهورية والثورة ورموزها ، وتحملوا لاجل ذلك القمع والتنكيل والاعتقال ، وتتمثل مسؤلية الشرعية في السير قدماً وبشكل حثيث لاستعادة العاصمة والدولة والنظام الجمهوري حرباً أو سلماً ، والضغط على المجتمع الدولي والاقليمي لوقف سياسة المراضاة وتقديم التنازلات التي تفتح شهية الحوثيين لطلب المزيد دون السير الجاد في عملية السلام ، وكبح محاولات الانقلابيين للاستفادة من المبادرات وجولات المفاوضات لكسب الوقت وإطالة عمر الإنقلاب لاغير.
جمهوريون للأبد سنظل أوفياء لكل القيم التي ضحى لأجلها الثوار في سبتمبر وما سبقتها من ثورات وانتفاضات ، ولاجل ارتباطنا بهذه القيم لن نترك مجالاً للأماميين الجدد ليعيدوا انتاج الكهنوت الذي لأجل اسقاطه سقى الشرفاء أرض الوطن بدمائهم فازهرت شجرة الحرية واستطالت ، وفي ظلها نجتمع اليوم رافضين من يسلبنا هذا الحق ، متعاهدين كسابقينا على تقديم أرواحنا وما نملك لحماية مكتسبات الثورة والجمهورية.
دمتم سالمين..