خسائر اليمن في حرب حماية مصالح الإقليم!!

تفانى اليمنيون في حربهم ضد بعضهم لحماية مصالح الاطراف الدافعة والموجهة لهم على مدى ثمان سنوات فقتل الاخ أخاه والجار جاره والرفيق رفيقه ودمروا بنية وطنهم السياسية والاجتماعية والثقافية وتسببوا في عودة وطنهم قرون إلى الوراء!!

واليوم وهم يتوافدون مستمعين ومذعنين لاخر التوجيهات الصادرة إليهم من محركيهم مازالوا يتقاتلون ولو بالتشاكي والتنافس على من سيكون الأكثر طاعة وانبطاحا ، ولم يستنكروا تغاضي كفلاءهم عن تقديم العزاء لهم في دمار الوطن ولا في آلاف القتلى والجرحى والمخفيين الذين التهمتهم حرب الوكالة ولا في الأعراض التي انتهكت ولا الحقوق التي سُلبت!!

خسر الشمال وخسر الجنوب وخسرت كل الجهات في اليمن وكسبت أطراف الإقليم معاركها في إضعاف اليمن وتحويله إلى حديقة خلفية لها واحتلال جزره وممراته المائية وبحاره وتدمير موانئه واختراق أمنه والمساس بسيادته وافقاده لمقومات الوطن المستقل القوي والفاعل في إطار الأسرة العربية والدولية لمئات سنين قادمة!!

خسرت القضية الجنوبية في مضمار المضاربات الطائشة منذ اتفاق الرياض الأول وحتى قمة الأمم المتحدة الاخيرة بأنها تحولت من قضية وطنية ترفع اهداف التحرير والاستقلال وتحظى بتعاطف الكثير من قوى الشمال إلى قضية سياسية تتحدث على استحياء عن (إطار خاص للقضية) وغيره من مصطلحات التحايل على الوعي الجنوبي ، وباتت في مواجهة شاملة مع قوى الشمال ، وتساوت في الاهمية مع القضية الحوثية، وقضية المهمشين، وقضية زواج القاصرات وختان الإناث!!

فقدت القضية الجنوبية ميزة الاعتماد على المد الشعبي العفوي والوطني وتحولت للاعتماد على الجماعات المناطقية والشللية والقروية وشبه الحزبية التي يحركها المال ويقوم نشاطها ويرتبط ولاءها بمن يتولى رعايتها ماديا ومعنويا من خارج حدود الجنوب الأمر الذي يبقيها رهينة برضا تلك الأطراف ويحولها إلى حمار يحمل أسفار مشاريع الطرف الداعم والممول حتى وإن كانت ماسة بالسيادة الوطنية!!

وخسرت القضية الجنوبية أنها تخلت عن اعتراف دولي واسع مقابل اعتراف إقليمي ضيق لمجرد رغبة في تقديم طرف جنوبي على طرف جنوبي آخر في مضمار معركة التمثيل وسيئاتها التي أتت على التماسك الجنوبي ومزقت عُرى الجنوب سياسيا واجتماعيا ، فغاب القرار الدولي ٢١٤٠ الذي يعترف بالحراك الجنوبي السلمي حاملا للقضية وحل محله اتفاق الرياض الذي يقضي بتسليم السلاح الجنوبي الافتراضي ، ودمج القوات الجنوبية الافتراضية ، والدخول في شراكة مع دولة (الاحتلال) وفقا للخطاب الجنوبي غير المُقيّد ، ومساواة القضية الجنوبية بالقضية الحوثية وقضية الدولة المدنية في إطار الجمهورية اليمنية !!

وخسرت القضية الحوثية عدالتها حين تحولت من قضية اقلية حازت تعاطف الكثيرين حين سُلبت حريتها في التعبير عن نفسها لتتحول إلى جماعة تحمل مشروع الاقلية الطامعة في حكم الأغلبية في خطوة أقل مايطلق عليها أنها تمثل إخلال بكل معايير التوازنات الاجتماعية والسياسية وتنسف كل قواعد التعايش بين الطبقات والفئات التي تستند عليها سياسات اغلب شعوب ودول المعمورة !!

وخسرت القضية الحوثية تعاطف أبناء الجنوب معها حين كانت تمثل قضية ومظلومية قبل أن تتحول إلى حمار يحمل أسفار الاطماع الإيرانية في اليمن ويبشر بنذير سوء على الجيران العرب وقبل أن تسقط في فخ الدخول إلى الجنوب وتتلطخ ايديها بدماء اطفال ونساء وشيوخ الجنوب العزل !!

وتاهت بقية القضايا ومعها احلام الدولة المدنية اليمنية في خضم ضجيج تبعية الأدوات المحلية لعرابي قرارها الإقليميين ومصالحهم ، وبعد كل ذلك ذهب الاجراء المتقاتلون من أبناء اليمن مذعنين للانصات والاستماع لما يُملا عليهم ولسان حالهم يهتف بالموت لليمن والحياة لمن يدفع اكثر !!

وتبقى المعادلة مختلة حتى ينبري التيار الوطني بكل ألوانه واتجاهاته وانتماءاته السياسية والاجتماعية للقيام بواجبه من خلال التخلي عن سياسة الانتظار الغير مجدية وحمل راية معركة استعادة الوطن لتجاوز مرحلة المليشيات الاجيرة الحاملة لفايرس مشاريع الإقليم ومعالجة آثارها ووضع حجر الأساس لاستعادة وطن مستقل وفاعل في إطار أسرته العربية والدولية!!

مقالات الكاتب