الإفقار سياسة إمامية بامتياز
ليس عجيباً ما يمارسه الحوثيون بحق رأس المال الوطني من استنزافٍ وتضييقٍ ومصادرة إذ تعد هذه الأعمال حلَقة في سلسلة متصلة من الممارسات الإمامية على مرِّ التاريخ ، وكلها تصنَّف ضمن الحرب الاقتصادية على المجتمع بهدف إفقاره وتحويله من منتِج إلى متسول بينما يحتكر الإماميون كل الإمكانات والأموال باعتبارهم "سادة" وبقية الشعب "عمالاً وعبيدا" ويؤكد هذا تبجح كبيرهم الوافد في القرن الثالث الهجري "الرسّي" بجرائمه بحق اليمنيين قائلاً:
وخرَّبتُ أسْواقا لهم وصِياصيًا
وأغنيتُ مِن أموالهم جُلَّ أعْواني
ولتتضح الصورة فهذا العبث كله يتكئ على نظرية الاصطفاء الباطلة التي يعتمد عليها الإماميون القدامى والجدد ، ويعتبرون حق الولاية ترجمة فعلية لهذه النظرية المشؤمة، وبموجبها يبيحون لأنفسهم المريضة نهب ومصادرة أموال عامة الناس وتحويلها إلى ملكية خاصة بالسلالة ، وهي جريمة لايقرها شرعٌ ولاقانونٌ ولاعُرف.
في حربهم الاقتصادية وتنفيذهم سياسة الإفقار تعددت أساليب الحوثيين فقاموا بمصادرة الأموال التي تعود للتجار والمستثمرين سواء كانت أموال نقدية أو شركات ومصانع ومعامل انتاج ، وفرضوا على التجار الحصول على إذن منهم لنقل بضائعهم من منطقة إلى أخرى في إطار البلد الواحد ، كما تم استحداث نقاط جمارك غير شرعية ويتم فيها إلزام التجار بدفع مبالغ كبيرة أو مصادرة بضائعهم ، إضافة إلى ممارسة التأخير والمماطلة في إجراءات الجمارك والتفتيش الغير قانونية مما يؤدي إلى اتلاف البضائع وتحمُّل التجار خسائر كبيرة.
ومن صور الحرب الاقتصادية الحوثية على التجار ورؤوس الاموال ممارسة الجباية بطريقة مبالغ فيها وغير شرعية وباستخدام القوة ، وعادةً ما يتم فرض رسوم تحت مسميات مختلفة أغلبها تتعلق بالفكر المليشاوي الإمامي وبشكل عشوائي ومفاجئ وبمبالغ مهولة مما يؤثر على الأعمال التجارية ويجعلها أكثر صعوبة ، وهذا كله يدفع التجار للإفلاس وتسريح العمال ، أو الهروب بما تبقى من أموالهم إلى الخارج، وكلا الأمرين يشكِّل ضرراً على المجتمع بشكلٍ عام ، ونتيجته الطبيعية فقدان العديد من فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة والفقر ، كما مارس الحوثيون اختطاف رجال الأعمال والتجار أو أبنائهم والمطالبة بفدية مالية ضخمة مقابل إطلاق سراحهم ، أو للضغط عليهم لتنفيذ مطالب المليشيا المختلفة.
المؤكد أن نهب إماميو اليوم لأموال التجار ومصادرتها وممارسة سياسة الافقار هو أمر ينذر بالخطر على الاقتصاد اليمني وحياة اليمنيين بشكل عام ، وبسببها تتضاعف أوجاع اليمنيين وتزداد حجم المأساة الإنسانية والضائقة المعيشية التي سببها الانقلاب والحرب في الأساس ، ويسيطر الفقر والبؤس على الحياة اليومية للمواطنين ، وكل يوم تمر في عمر هذا الانقلاب فإنه يضيف المزيد من الآلام والأوجاع لحياة اليمنيين ، وسواء طال الزمان أو قصر فسيتحمل الحوثيون المسؤولية القانونية والأخلاقية عن هذه الأعمال الإجرامية، وستظل هذه الجرائم لصيقة بهم وكاشفة لاقنعتهم المزيفة التي يحاولون ارتدائها ، وإن فلتوا من العقاب اليوم فلن يغفر اليمنيون لهم هذه الزلات وسيعَاقَبُون عليها عاجلاً أو آجل.
دمتم سالمين..