الحوثي والنظر للحياة من فوهة البندقية
ما أكده الواقع وأثبتته الوقائع أن الحوثي بفكره الإمامي المنحرف يقدِّم منهج القوة حلاً وحيداً وطريقاً فريداً معتقِداً أن هذا النهج الغوغائي سوف يحقق له أحلامه في التحكم والسيطرة ، ولم يتعلم أبداً من استقراء تاريخ أبائه وأجداده الإماميين القدامي الذين قضوا حياتهم في حرب واحتراب مع اليمنيين ، ولم يكتب لأحلامهم أن تتحقق رغم ما استخدموه من قوةٍ وقهرٍ وجبروت ، ومع هذا لم ينجحوا في كسر الذات اليمنية الرافضة لمبدأ التبعية والخضوع والمؤمنة بأن القوة ليست هي السبيل للسيادة والقيادة ، وأن من ينظر إلى الحياة من تحت ظل سيفه أو فوهة بندقيته فنظره قاصرٌ وأمله واهم.
إن اللجوء إلى القوة والسلاح لفرض القناعات والأيدلوجيات يمثل بحد ذاته شهادة فشلا وعلامة عجز ، ناهيك عما تحدثه هذه القوة وهذا السلاح من فوضى في البلد لا تستثنى أحداً ، وهذا بالضبط هو الجرم الذي ارتكبته جماعة الحوثي الانقلابية التي اعتقدت في ساعة زهوٍ ولحظة غرورٍ أن بإمكانها بما نهبته من سلاح الدولة وامكاناتها أن تجعل اليمن واليمنيين طوع أمرها ، وبفهمها القاصر هذا راحت تنشر في البلد الموت والرعب وأدخلتنا في انقلاب وحرب لتسع سنواتٍ عجاف لتنصدم بالحقيقة المُرة والتي مختصرها أنها لم ولن تصل إلى شئٍ مما حلمت به أو خططت له.
إنّ النظر إلى الحياة وخاصة في شقّها السياسي ينبغي أن لا يكون من زاوية القوة واستخدام السلاح فأسلوب الانقلابات وخاصة المرتكزة على أسس ايديولوجية قد ذهب زمنها ، ونحن في عصر المشاركة والتعايش ، وحكم البلدان والشعوب لاسبيل له إلا العمل السياسي السلمي القائم على البرامج والإنجازات والتحالفات بين الأحزاب والقوى والتكتلات المدنية للتسابق على نيل رضى الشعوب دون استخدام القوة والسلاح بأي شكل من الأشكال ، ومن ينحرف عن هذا المسار فهو يجني على نفسه وعلى بلده ، وهذا تماماً ما فعله الحوثي باليمن واليمنيين.
الأسوأ في الأمر أن فاتورة ضخمة ندفعها نحن اليمنيون بسبب نزق وجنون هذه الجماعة المارقة ، ونتيجة لفهمها القاصر للحياة السياسية ومتطلباتها، وتغليبها لمنهج القتل والموت على منهج التعايش والتفاهم ، وستظل هذه الفاتورة في ازدياد مادامت الجماعة الحوثية مستمرة في انقلابها وعبثها وإهدارها لكل الفرص التي أُتيحت أمامها لإصلاح ما يمكن إصلاحه وإعادة الدولة المختطفة وفق المقررات والمرجعيات التي اتفق عليها الاقليم والعالم ، والتحول إلى العمل السياسي المبني على التنافس والتعايش دون سيطرة ولا تحكم.
دمتم سالمين..