الحوثي عدو نفسه
لم يعد غريباً إن قلنا أن الحوثي بسلوكه المشين خلال التسع السنوات الأخيرة أكد أنه عدو نفسه بالمرتبة الأولى قبل ان يكون عدوا لليمن أرضاً وشعباً وهُوية ، ويظهر ذلك جلياً إن قارنا حال هذه الجماعة اليوم بحالها قبل الانقلاب المشئوم في العام 2014م ، فالحوثي اليوم غارق في الدماء مدان بالنهب لأموال ومنازل وعقارات الاشخاص والشركات والكيانات المختلفة ناشرٌ للفوضى في المنطقة، وفي عداءٍ مع بلده وإقليمه والعالم بأسره ، وليس من صديق له إلا إيران التي تستخدمه أداة لتحقيق مكاسبها السياسية غير آبه بمصيرهِ ومصير البلد عامة.
بالمقابل كانت لدى الحوثيين قبل انقلابهم الفرصة ليصبحوا كياناً سياسياً يمنياً له ثقله وتواجده ، وشريكاً فاعلاً في إدارة البلد مع غيرهم من القوى السياسية دون إقصاء ولا استحواذ يخوضون غمار الحياة السياسية ليقدموا تجربة فريدة في التعايش والتفاهم ، وسيتمكنون من الوصول عبر السياسية بما عجزوا ان يصلوا إليه بالانقلاب وفرض القوة واشعال الحرب ، وهذا هو الوضع الطبيعي في كل الأمم والشعوب التي تتطلع إلى الاستقرار والبناء والتنمية لا خيار لمن لديه طموح في المشاركة في إدارة الدولة إلا العمل السياسي وفقاً للقوانين السائدة بعيداً عن الفوضى والسلاح والاقتتال التي لا تحقق إلا مزيداً من التراجع والتردي للبلد وشعبه.
إن خوض غمار الحياة السياسية بعقلية السياسي المسالم المتعايش هو الحل الأنسب ليتشارك الناس إدارة البلد بطريقة تآلفية تفضي لقيام نظام سياسي لايكرس ولاية جماعة او أسرة ، إنما يتشارك فيه الجميع تحمل المسؤلية ، وتصبح التنمية غاية الجميع ، وهذا الفهم العميق هو ما يفتقده الحوثيون ويحنون بعنجهيتهم على أنفسهم قبل غيرهم ، فلا يمكن في قادم الأيام أن يقبل اليمنيون الحوثي كمنافس سياسي شريف يمكن أن يشارك بفاعلية في الحياة السياسية بعد تجربته المريرة الذي أراد فيها خوض غمار السياسة بعقلية المليشاوي المسلح!.
كل ما ارتكبه الحوثي من مساوئ بحق اليمن واليمنيين جعله أحد الضحايا بل أولهم ، ولم يصبح عدونا فقط إنما عدو نفسه كذلك بجهله ونزقه وسوء تقديره الذي كانت نتيجته القضاء على مستقبله السياسي الذي كان كفيلاً بجعله أحد الفاعلين دون أن يدخل البلاد والعباد في حرب وتشتت ونزوح ، وسواء أدرك ذلك أم لم يفعل فإنه سيجني ثمرة جنونه اليوم أو غداً ، وليته يدرك ذلك لينقذ ما يمكن انقاذه.