ضحايا نظرية (فرض الواقع على الأرض)!!

كثيرا ما يردد البعض مقولة (من على الأرض يفرض الأمر الواقع) وفي اعتقادي أن الكثير ايضا يظن أن التواجد على الأرض هو التواجد بالدبابات والمدافع والرصاص وغيرها من أدوات الهدم والقتل وهذا ناتج عن إفرازات التعصب الأعمى الذي هو أساسا من نتاج الجهل.

لدينا في مسيرة التجربة الإنسانية الكثير من الامثلة التي تؤكد أن السيطرة على الأرض لا تعني السيطرة المسلحة بل أنها تعني رسوخ مؤسسات الدولة وإقامة العدل واستتباب الأمن وعودة الحياة إلى طبيعتها ، فبغياب مؤسسات الدولة وانتشار الفوضى وغياب العدل لايمكن لنا الحديث عن أرض ولا عن واقع سيطرة.

هناك الكثير من الانقلابات وحركات التمرد المسلحة التي شهدتها بعض مناطق العالم واستمرت سيطرتها على الأرض لفترات متفاوتة فارضة واقعها المؤلم والمدمر لكل أسباب الحياة ومقوماتها ومع ذلك في النهاية فشلت تلك الحركات في أهم شرط من شروط واقع السيطرة وهو شرط الانتقال من حالة الفوضى إلى حالة الاستقرار بإقامة مؤسسات الدولة ونشر الأمن واعلاء العدل فأصبحت تلك الحركات واصحابها في ذمة التاريخ رغم سنوات سيطرتها المسلحة!

وفي بلادنا هناك الكثير ممن يقعون ضحايا لاحاديث السيطرة التي يلوكونها عن جهل وعدم إدراك انطلاقا من عصبية حزبية أو مناطقية أو جهوية أو فئوية أو غيرها ويغيب عن هؤلاء الضحايا أن العالم لديه تعريفات وتفسيرات لمصطلح السيطرة والتواجد على الواقع لا علاقة لها بازيز الرصاص وإهدار الدماء ونهب حقوق الناس ونشر ثقافة القتل والإرهاب. 

وفي التجربة اليمنية لو أخذنا الحوثي على سبيل المثال نموذجا ووضعناه في مقارنه مع مجلس مشاورات الرياض بكل الجماعات المسلحة المنضوية في إطاره فإن الحوثي يكون أفضل السيئين ويتقدم على تلك الجماعات بخطوات كبيرة وإن اختلفنا معه فمناطق الحوثي تتقدم على بعض مناطق الجماعات المسلحة الآخرى مثل عدن وبعض أجزاء الجنوب بإستثناء محافظة مأرب طبعا.

حالة تقدم الحوثي على بقية الجماعات المماثلة له في مجلس مشاورات الرياض هي من ترسم خارطة السلام الذي تمضي فيه حاليا دول التحالف بقيادة السعودية وهي من تضع الحوثي طرفا رئيسيا وتضع بقية جماعات مجلس مشاورات الرياض مجرد طرف تابع للطرف الإقليمي ممثلا بالسعودية ينتظر إشارة الدخول في عملية السلام تلك في الزمان والمكان الذي تحدده الاطراف الرئيسية!!.

مقالات الكاتب