اليمن في زمن الهاشميين.. جهل وتخلف وعزلة

على مدى ألف عام وأكثر أغرق الهاشميون اليمن في الجهل والتخلف والعزلة، بقيت اليمن بالنسبة لهم البئر التي تفيض بالمقاتلين في حروبهم المقدسة، حروبهم المقدسة التي لا تتعدى كونها السطو على كل المناطق والمدن.

كانوا يأخذون الرجال ليموتوا بعيدين عن أهاليهم، يدفنون كالغرباء بعد أن يسلبوا كل شيء.

أدخل الهاشميون اليمن في عزلة تاريخية، كل الرحالة الذين زاروا اليمن فيما بعد أوائل ومنتصف القرن العشرين كتبوا في مذكراتهم أن اليمن هي البلدة التي تعيش حرفيا في القرون الوسطى في عالم كل شيء فيه يتحرك نحو الأمام.

ليس هناك من مسؤول عن هذا التخلف والعزلة والجهل غير الهاشميين.

في كل تلك المذكرات التي كتبها الأوروبيون والعرب ليس هناك من إشراقة نور في البلد التعيس، وقبل سبعين عاما كنا حرفيا نعيش قروننا الوسطى، وليست لدينا أي رغبة لمغادرة تلك العصور.

قال الهاشميون للشعب، كل شيء خارج هذه البلدة هو كفر، فحرس اليمنيون ذلك الإيمان لقرون طويلة، وحين رفعوا رؤوسهم والتفتوا نحو الآخرين كان العالم قد صار أشبه بحفلة ماجنة.

قال سلفادور أبونتي إنه لا أسوأ على الإنسان اليمني غير أن تتمنى له مستقبلا لا يشبه حاضره.

لا يبشر الهاشميون بأي تعايش مع المخالفين لهم، كل الطوائف التي عاشت إلى جوارهم أبيدت بالحروب والقتل.

كانت القبيلة هي المخزن الذي يغترف منه الهاشمي الرجال لحروبه المقدسة، كان الرجال يذهبون إلى الحرب وكانت النساء في بيوتهن يندبن القتلى ويرفعن أيديهن: ليحفظ الله مولانا الإمام.

القبيلة التي يخرج أحد أفرادها اليوم من السجون بعد سنوات ليقول إننا عائدون لتحرير عدن.

أُخرج اليهود من صنعاء في عملية بساط الريح، وفي العام ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين أرسل الإمام يحيى جنوده إلى مدينة حراز، أحاطوا بالمدينة، قيدوا الإسماعليين، وصادروا مؤلفاتهم وجيء بهم أسرى إلى صنعاء، فخيرهم الإمام بين الدخول في المذهب الزيدي، أو الهجرة خارج اليمن.

أما اليهود فكان كل شيء حياتهم يذكرهم بالذل والهوان، وفي المذكرات التي كتبها سلفادور أبونتي الرحالة الإيطالي يعيد قصة حمار نفق في شوارع صنعاء أيام حكم الإمام يحيى، فامتنع أي من المسلمين الأطهار في المدينة من إزاحته رغم رائحته الكريهة كانت تلك أيام أعياد لليهود، الذين لا يحركون كأسا في تلك الأعياد لأن الرب نهاهم عن ذلك، أما سكان صنعاء فقد تعايشوا مع تلك الجيفة حتى يعود اليهود من عطلتهم.

*من صفحة الكاتب على "فيسبوك"