فارس من خشب!
قال لي مواطن يمني عاد لتوده صباح اليوم من القاهرة :" اكتشفنا ونحن نفترش رصيف مطار القاهرة اننا بلاحكومة ياصديقي..
قلت له :" اما نحن والله اننا علمنا بذلك قبل سنوات من اليوم ولو ان ثمة حكومة موجودة ورجال دولة على الأرض ماكتب التاريخ ودون ان رحلة كاملة عادت ادراجها بسبب خيبات الساسة وسوء تدبيرهم..
هذا الصباح جر العشرات من المواطنين العائدين من مصر بعد ان منعوا من الدخول حقائب سفرهم ومعها جروا جثمان دولة ذات يوم كانت حاضرة وقوية ومهابة..
سيحتار كتبة التاريخ ما الذي سيكتبونه عن حقبة "معين عبدالملك" في اليمن ..
سيقلب هؤلاء جميع صفحات الأحداث والوقائع، سيسألون كل الناس، ولكنهم في نهاية المطاف لن يجدوا حرفا واحدا يدونون بالخير في ذكرى هذا الرجل..
سيحاولون التجاوز لكنهم سيقولون لبعضهم إن 7 سنوات أو يزيد لايمكن لها أن تكون خالية الوفاض إلا من رياح صرصر عاتية..
وكل ماسيقال عن الرجل وسيُكتب بأحرف من وحل "إن الدولة وفي عهده سقطت سقوطاً مروعاً ومرعباً ولم يتبق منها شيء يُذكر"...
باتت حطاماً تنثره الرياح في كل جانب...
لادولة استقامت...
ولاكرامة حُفظت...
ولا اقتصاد تعافى...
ولاسيادة سادت...
ولا عرفنا مصيراً لوديعة...
وأنت تتابع كل متاعب اليمنيين، جوعهم، فقرهم، ضعفهم، هوانهم على الناس، انهيار اقتصادهم، غياب مؤسسات دولتهم شتات جالياتهم.
تتساءل: كيف يقضي هذا الرجل أيامه؟ وأي حبات عرق تمر بخارطة وجهه، وهو يرى كل هذا الدمار الذي يعصف بالناس..
وفي خضم كل هذا عليك أن تسأل نفسك ألف مرة...
كيف يفكر هذا الرجل وما الذي يتبادر إلى ذهنه وهو يطالع كل هذه النكبات التي تتوالى على الشعب وهو صامت...
وحينما يطالع مرآة ما في جدار ما ما الذي يستشعره؟
وكيف يجيب على مئات الأسئلة التي تتراكم على حائط الذاكرة عن الرجل الذي خلا عهده من إنجاز واحد يمكن به الإجابة على تساؤل طفل صغير ذات يوم وهو يقلب أرشيف التاريخ اليمني ليسأل معلمه..
- ما الذي تحقق في عهد هذا الرجال يامعلمي؟
-لاشيء يابني مر هذا الرجل كما تمر الرياح، وذهب معها...
تشعر بالأسى وأنت ترى اليمني في مطارات العالم، حواجزها يصارع وحيداً وثمة رجل يدعى رئيس الحكومة يتكور بين أربعة حيطان بمعاشيق صامتاً صمت القبور أكبر تحركاته بحثاً عن تغطية لشبكة الهاتف ..
ذات يوم سيدرك اليمنيون أن رهطاً من الناس جاءوا من أقصى المدينة رافعين الشعارات، ولا شيء غيرها وافترشوا الشارع ووعدوا الناس بما لايملكونه...
والتاريخ يقول، نواميسه تقول أن ما دولة ما بنيت من شارع أو هتاف ..
الدولة لها قاداتها ورجالها ..
ولا تبنى دولة ما من هامش نص ..
إني ولعمري أحتار كيف يشعر الرجل وهو يقلب صفحات من سبقوه...
بن دغر ، بحاح ، مجور ، باجمال وقائمة طويلة من القيادات التي لو قدر لك إن خالطتهم يوماً لملئت منهم "دولة ومهابة"..
ما الذي يمكن أن يكتبه التاريخ عن هذه الحقبة؟
بالتأكيد إن التاريخ سيبصق وسيمضي..
لا شيء غير ذلك...
لكنه قبل ذلك سيكتب ان يمنيين كثر عادوا ذات يوم من مطارات العالم بعد ان اقفل العالم ابوابه في وجوههم .
نحن بلا دولة وبلا وطن ياعزيزي...
ولذلك يحكمنا هؤلاء...
صبراً وبالله المستعان..