عدن وفبراير الثورة
انا ابن هذه الأرض اليمنية فخر ابي واجدادي , منذ ان سقط رأسي عليها في مدينة عدن خمسينات القرن المنصرم , وعرفتها منارة ثقافية لفكرة الثورة أينما كانت , ومع تطلعات الاحرار أينما كانوا , تشربت منها الفكر والثقافة التحررية , وعشت وجع والم معاناة عدن , وتلمست جراحها , وشهدت المؤامرات عليها , والتجارب الفاشلة , وجدت و وجدت عدن في 11 فبراير متنفسا , وعادت منارة تساند الاحرار في بقاع اليمن , هبينا وهبت عدن بكل نسيجها الاجتماعي المدني المتنوع , تساند ثورة فبراير , التي أتت لتحرر البلد المثخن بالجراح والصفقات الفاسدة , من بقايا الحكم السلالي الذي تطفل الجمهورية في الشمال , وبقايا الحكم الشمولي الذي اختطف الاستقلال بالجنوب , وشعارته الجوفاء التي لا تغني ولا تشبع من جوع , ولم توفر حرية ولا كرامة , ولا مشروع إنساني يستوعب الجميع باختلافاتهم .
فبراير الثورة التي إعادة لي روح التفاؤل , في ساحات جمعت كل الاطياف , و حطمت جدران الايدلوجيا , وحولت الاختلاف من نقمة لنعمة , في حوار الساحات وتتبلور الأفكار , حيث التقى الليبرالي بالعقائدي بالحجة والمنطق , هذا الجمع الذي أرسل للعالم رسالة واضحة ان الحكمة يمانية ( و بلدة طيبة ورب غفور ) وهي الصورة الحقيقية التي بدأت تتشكل في فبراير , ولم تعجب القوى التقليدية المتخلفة , والقوى الرجعية التي عاشت لسنوات تتطفل حياتنا , والتطرف بكل أشكاله الذي ارهقنا ببعبع شيطنة الآخر , وصراع الأجندات , التي كان الأنظمة المتعاقبة تعيش عليه , وتحرض به ضد الاخر , لتبقى تحكم بتسلط في مجتمع منقسم على ذاته .
ماذا تعني لي 11فبراير ؟, تعني لي مخرجا من كل آفة الزمن , مؤامرات المراحل , والمشاريع الصغيرة , من العنف الجاثم على صدورنا منذ الثورات الأولى سبتمبر واكتوبر , ونحن لم نتحرر بعد من مخلفات الماضي , وثارت واحقاده , كانت فبراير تضع لنا برنامج التعافي , وارتفع صوت المهمشين في وجه الطغاة والمستبدين , وكان على وشك سقوط دمى المشايخ ونفوذ السلطة , كنا نشاهدهم يرتعبون من صوت البسطاء والمهمشين والمقصيين , وكان الإقليم والأسر الحاكمة ترتعب فرائصها من فبراير , وكانت المؤامرة .
تحالف أعداء فبراير , للأسف الحوثي الذي خان عهد فبراير والنظام الذي أسقطته فبراير , وادواتهما في الشمال والجنوب , ونفوذ السلطة والمصالح , وضعفاء النفوس والفهم , ومن تعشعش فيه فكرة شيطنة الآخر , وماسوري الماضي العفن وثرواته واحقاده , كل تلك العاهات التي تخلقت في الماضي , تحالفت وقدم لها الدعم من الخارج الحقود على اليمن ونهضته وتطوره , وبدأ تشكيل أدوات المؤامرة .
وهي أدوات لا دولة ولا حرية ولا عدالة ولا توافق , أدوات الفوضى والعبث بالواقع , وتشويه صورة فبراير , وضرب ومطاردة قواها الحية , وتمزيق البلد وتعطيل مرتكزاته الاقتصادية ومؤسساته الحيوية , ومحو فكرة الدولة من الاذهان , لترسيخ فكرة الفوضى , وتدمير كل ما يتعلق بالدولة ومؤسساتها ومنظمات المجتمع المدني ,للأسف كان الجنوب ساحة لكل ذلك , وعدن بؤرة للتنفيذ , وفبراير الشماعة التي يرمون عليها تأمرهم , و يتقيؤون عليها كل ما بداخلهم من قذارة .
تبقى فبراير هي الانقى والاطهر , ويبقى الوحل الاسي اليوم هو واقعهم , هو نتيجة لكل إفرازاتهم القذرة , مهما لعنو فبراير , سيلعنهم التاريخ , والمجد سيكون لفبراير , والثورة مستمر وستنتصر اجلا ام عاجلا.