سياسيون بلا فرامل!

إذا كنت بدون "فرامل"، وسمحت للعربة أن تتدحرج إلى الخلف، فإنها لن تقف في الموقع الذي أنت حددته، بل ستستمر في التدحرج حتى تتهشم في أقرب حاجز أو تسقط في حفرة أو تتردى في هاوية سحيقة.

هكذا حال الذين يعتقدون أن الحل في اليمن ممكنا بالعودة إلى الماضي، غير منتبهين أن عجلة القيادة لم تعد بأيديهم، وأن العربة قد تهرول إلى تواريخ أقدم بكثير من التاريخ الذي يريدون.

البعض يرى الحل بالعودة إلى ما قبل انقلاب 2014، والبعض الآخر يراه بالعودة إلى ما قبل ثورة 2011، وثالث يراه بالعودة إلى ما قبل وحدة مايو 1990، بينما العربة تفلت من أيدي الجميع ومستمرة في الهرولة إلى ما قبل 1967 وما قبل 1962، بل إلى قبل ذلك بكثير.

انظروا كيف صار مصير من أراد العودة إلى ما قبل 2011 -وهو بدون فرامل- كيف وجد نفسه في أحضان مشاريع ما قبل سبتمبر 1962، ثم كانت نهايته على أيديهم!، ولا يستبعد أن تتكرر نفس التجربة في الجنوب مع مشاريع ما قبل 1967م.

من عجائب السياسة اليمنية أن أكثر خلافاتنا تشتد حول هذه التواريخ، وليس بيننا إلا القليل من يفكر بالبحث عن حلول في المستقبل، بل الأعجب أن بعض اليائسين من الواقع يريدون أن يقفزوا بالعربة إلى أعماق التاريخ السحيق (أيام كربلاء، وصفين، وكرب إل وتر، وعاد، وقحطان)!.

المنطق والعقل يقولان لمن حاله كحالنا: أن حرب ثمان سنوات قد غيرت وقائع كثيرة، ولم تعد حلول 2013 ممكنة اليوم بعد سقوط الدولة، فضلا عن التواريخ التي قبله. فالدولة الاتحادية بدون مؤسسات مركزية لن تكون سوى ذريعة للتفكك، ولذا ليس أمامنا إلا التعاطي الواقعي مع الواقع القائم ثم ننطلق منه نحو المستقبل وليس نحو الخلف.

الحل يبدأ باستعادة عجلة القيادة وضبط المكابح، وهذا ما نسميه (استعادة الدولة)، ثم ترسم نقطة للحل في أفق المستقبل. تلك النقطة هي التي تسمى في علم الاستراتيجيات (الرؤية)، ومن أهم شروط الرؤية: استقلالية القرار السياسي، وهنا مربط الفرس، فمن لا يمتلك قرار الحاضر لن يستطيع أن يرسم رؤية المستقبل!.

مقالات الكاتب