الحوثيون وجه أخر للنازية
بالعودة إلى دورة الأحداث خلال القرن العشرين وما ساد القرن من فوضى وصراع عالمي تجاوز كل الحدود ثمة لفتة مهمة مرتبطة بالوضع القائم اليوم في اليمن ، فكما ظهرت النازية كحركة عنصرية تطمح لحكم العالم آنذاك ظهر في اليمن جماعة تطمح للهيمنة على البلد متخذة من مبررات عنصرية مقيتة سلماً تصل به إلى أطماعها القديمة الجديدة تماماً كما فعل النازيون وقتها .
يطلق مصطلح "نازيِّة" وصفاً للأيديولوجية التي اتخذها ذلك الحزب الألماني في سنوات العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين ، والمبنية على العنصرية والتشدد ضد الأعراق سوى العرق الآري ، ويؤمن النازيون بعلوّ أجناس بشرية معينة على أجناس أخرى، ويسعون إلى قمع و إبادة الأعراق التي يعتبرونها "دنيا"، وبالمقابل الحفاظ على "طهر" الأعراق التي يعتبرونها "عليا".
وصل الحزب النازي إلى الحكم في ألمانيا عام1933 بقيادة أدولف هتلر ، وشرع هتلر في تطبيق رؤيته بتصفية العالم من الأعراق غير العرق الأري الذي ينتمي اليه ، ويعتقد ان له العلو على اجناس البشر ، وبحماقته هذه دخل الحرب العالمية الثانية (1939_1945) التي كانت نهاية المطاف لسيرته في حكم ألمانيا لاكثر من 15 عام ، ويموت منتحرا بعد أن دمرت الحرب بلده وطموحات شعبه ، وجلب على العالم حرب مدمرة فتكت بخميسن مليون انسان.
تطور العلم وأثبتت الأبحاث الأنتروبولوجية الحديثة دحض مثل هذه الادعاءات والمزاعم ، ورفضت نتائح هذه البحوث النظرية القائلة بوجود أعراق بشرية نقية ومتفوقة يقتصر عليها وحدها الإِبداع وبناء الحضارة الإِنسانية ، وأثبت العلم والتاريخ بطلان خرافة الجنس الآري النقي أو أي جنس أخر.
اليوم ونحن في القرن الجديد وقد تجاوز العالم بجهاته الاربع هذه الافكار مازال في كهوف اليمن من يؤمن بمعتقدات باطلة ، مشابهه لمعتقدات النازية وتفوق العرق الآري ، لكن تحت غطاء وستار جديدين مصبوغين بصبغة "دينية"! ، ليست لها علاقة بالدين في الأصل ، لكنها تخدم فقط أطماع اصحابها في التحكم بمصير البلد كما كان يطمح النازيون في التحكم بمصير العالم .
لكن العقل والمنطق والعلم جميعهم يقررون أنه وفي الأرض التي ولدنا عليها سواسية يجب أن نعيش كذلك سواسية ، والوطن أكبر من أن تحتكره فئة ، أو أن يصبح مصيره بيد طائفة ، أو سلالة ، بحجة تفوق عرقها على الأخرين ، أو إدعاء طهارة دمها ، وهي دعوة مشبوهة لا أصل لها ، ولا مكان لنازية جديدة في بلد كاليمن ، وزمن كالقرن الواحد والعشرين .
من يدَّعي الفضل لانتمائه العرقي أو السلالي فهو واهم لا زال يحمل في ثنايا تفكيره الأعمى رواسب عقود انتهت ، وخلص فيها العالم إلى ايمان مطلق أن لا تفوق لعرق على أخر ، وقبل هذا وذلك كانت الرسالة المحمدية قد جعلت الناس سواسية لافرق بين أبي بكر وبلال ، أو عمر أو علي وسلمان ، رضي الله عليهم وارضاهم جميعاً ، ومن يدعي أن نسبه وعرقه يعني له الفضل فهو واهمٌ واهم ، فما أفاد النسب أبو لهب وامرأته حمالة الحطب ، لكن فضل الإسلام تشرف به سلمان الفارسي وبلال الحبشي .
ليس من الحكمة ونحن في زمن العلم والتعلم أن يتواجد من يدَّعي أن عرقه أو سلالته أو طائفته أو قبيلته تعطيه الحق في التحكم بمصير الأمة ، ونهب ثروت الشعب ، وليس من العقل ان ينبري من يدمر البلاد أرضاً وإنسانا ساعياً لتملك قرارات الشعب فيما أن الغالبية العظمى تقف ضده ، ولا مكان أن تتحكم القلة بالكثرة مطلقاً.
اليوم وغداً وكل يوم يجب ان يعلم مدعوا النسب المقدس ، والعرق المفضل ، ان زمن هذه التوهمات قد ولى ، وان التستر تحت هذه الرواسب القادمة من الزمن القديم لاجل التحكم بمصير اليمنيين ليس ممكناً ، وستثبت الايام لهم حجم الوهم الذي عاشوا عليه وسيكون مصيرهم كمصير النازية وزعيمها الاحمق .
دمتم سالمين.