متطلبات الخلاص
الحقيقة التي لا يمكن لأحد القفز عليها، أو اختلاق الذرائع والمبررات لتجاوزها إلى مربع الدعة والراحة هي أن مهمة تحرير ما تبقى من الوطن، تحت سيطرة إيران، ممثلة بأدواتها مليشيا الحوثي الإرهابية، تقع على عاتق كل القوى المناهضة للمشروع التوسعي الايراني في اليمن والمنطقة، وهي مهمة لن تنجز إلا بإيمان عميق بعدالة القضية، وتخليص هذا الإيمان من كل ما علق به من ملوثات المصالح الجهوية والحزبية وخبائث الكيد السياسي، الذي أفضى إلى صدام رؤيوي لطبيعة المشكل اليمني وممكنات حله.
إن عملية تحرير ما تبقى من الوطن في قبضة مليشيا إيران الإرهابية لا بد لها أن تنطلق من قاعدة إدراك أن خطر هذه المليشيا الطبقية السلالية لن يستثني أحداً، ما لم يكن سلالياً مؤمناً بأفكارها، مجسداً لثقافتها في سلوكه اليومي القائم على الاعتقاد بالأفضلية وادعاء الحق الإلهي، وهو إدراك يقتضي بالضرورة أيضاً التخلص من كل الاشتراطات السياسية الناجمة عن اجترار صراع الماضي السياسي، ونزق المكايدات، التي ما زالت تعتمل إعلاميا في كثير من مؤسسات الإعلام الحزبية، وحتى نشاطات المنتمين حزبياً في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يجب أن يتوقف تصديعها لجدار التوافق، الذي بدأت بناؤه قيادات سياسية واجتماعية من مختلف القوى والمحافظات اليمنية.
تعثر عملية استكمال التحرير أو حتى تأخيره من خلال إهدار الوقت في إشعال المكايدات السياسية وتعميق شرخ التباين السياسي، عمل لا يخدم في محصلته ونتائجه سوى المليشيا الإرهابية، التي تعمل بكل ما لديها من خبرات تاريخية في مجال صناعة الفتنة في أوساط المناوئين لها، بما يخدم تعزيز قبضتها الباطشة وجشعها الناهب والمستحوذ، على كل خيرات البلاد، بل والإمعان في إذلال اليمنيين التواقين، إلى الحرية والانعتاق من ربقة تسلطها الكهنوتي المتخلف والمقيت.
لقد أصبح اليمنيون اليوم وأكثر من أي يوم مضى، إلى رص الصفوف وتشبيك الكفوف، في اصطفاف وطني واسع، موحد الأداة والخطاب السياسي، والإعلامي المعضد، لعرى التوافق، حول الأهداف الوطنية الجامعة، وفي مقدمتها القضاء على مليشيا أمعنت في إجرامها بحق اليمنيين تنفيذاً لمطامع توسعية إيرانية في اليمن والمنطقة.