حرب اليمن واستهداف التعليم

من المؤسف ان تتخذ الحرب في اليمن مسار يهدد فيه التعليم , التعليم العام والجامعي , بما يوحي ان هناك أيدي خفية تريد لهذه ان تكون حرب تدميرية , تدمر أعمدة بناء الإنسان وتأهيله , وبالتالي بناء المجتمع , لتبقى آثار الحرب مسيطرة بقوة , ومجتمع معاق غير قادر على تجاوزها والنهوض .

في الحرب كانت المدارس والجامعات أهداف حربية , و تم تفجير عددا منها , سوى بالمفخخات او بالطيران , او بالصواريخ البالستية , وكان المعلم أكثر استهدافا من المبنى المدرسي او الجامعي , وذلك بحرمانه من الراتب .

توقيف رواتب المعلمين في مناطق الحوثي , دفع بالمعلم عن البحث عن مصدر رزق يسد رمق أبنائها ,ويوفر احتياجات اسرته , في اعمال مهنية شاقة , بل البعض انخرط في العمليات العسكرية مضطرا , سببت له انهيار نفسي وجسدي وروحي , وترك فراغا في العملية التعليمية , ملأته القوات المسيطرة بأدواتها المدمرة لفكر وثقافة المجتمع , فتحول التعليم لوسيلة تغرير وشحن وتحريض فكري عقائدي ايدلوجي معزز للانقسام الحاد , ومغذي للحرب , بل جرها نحو الطائفية في الشمال والمناطقية في الجنوب , تثير ازمة هوية .

وفي المناطق المحررة من الحوثي , وما لم تتوقف الرواتب , فتوقف التوظيف , وتوقفت التسويات والعلاوات , ومع انهيار العملة , وارتفاع المعيشة , وغلاء الأسعار الجنوني , صار الراتب لا يفي باحتياجات المعلم الضرورية , ومع استقطاب الحرب لشريحة واسعة من المعلمين , تركو مدارسهم اتجهوا لجبهات القتال , بحثا عن الراتب بالعملة الغير يمنية , والتي لا تتأثر بهبوط العملة المحلية , وتم استبدالهم بمتطوعين برواتب ادنى , وتأهيل ضعيف , ومدارس تفتقد للإمكانيات المكملة للعملية , وفي خضم صراع التباينات السياسية , وسيطرة هذه التباينات على العمل النقابي المسيس , كان الإضرابات النقابية أثرها السلبي على العملية , وحرمان الطلاب حقهم في التعليم لأكثر من عام دراسي .

كل هذا جعل من الحرب , أداة تدمير حقيقي للإنسان , وبالتالي تدمير المجتمع , وتكالبت على المجتمع كل وسائل الموت البطيء , فقر وجهل ومرض , وهي سموم تقتل روح الحياة في المجتمعات , وهذا ما يتعرض له المجتمع اليمني في هذه الحرب المدمرة .

حرب يجب ان تتوقف , استمرارها يشكل خطر على المجتمع والوطن  , يخسر اليمن فيها الانسان الإيجابي الفاعل والمتحرر , أي الانسان المتعلم والمثقف والواعي , لصالح الإنسان الجاهل و اليائس والبائس , أي السلبي المستسلم لآثار الحرب وتداعياتها السلبية .

ومن هنا تأتي مسؤولية المجتمع الدولي والعربي , في انقاذ اليمن ليس من الجوع والفقر فقط بل من الجهل والتجهيل , البؤس والياس القاتل للروح الإيجابية في يمن الحضارة والاصالة .

إيقاف حرب اليمن ضرورة إنسانية واخلاقية و وطنية , استمرارها يشكل خطرا على المنطقة والعالم , على السلم الأهلي والسلام العربي والدولي.

مقالات الكاتب