الرئيس هادي ينتصر للدولة

قرر الرئيس عبدربه منصور هادي، يوم امس الاول ، في خطوة موفقة، وضع حد للعبة الخطرة التي ظل رأس النظام السابق، يلعبها على رؤوس الأشهاد، متمتعاً بالحصانة، وبوجوده طرفاً مؤثراً في عملية التسوية على راس حزب يحتفظ بنصف المقاعد في حكومة الوفاق الوطني، وفي الوقت ذاته يقدم نفسه لليمنيين على أنه زعيم المعارضة الذي لا تلين له قناة.


كان صالح وما يزال يمارس نوعاً نادراً من المعارضة، معارضةً تستند إلى "أجندة" تخريب، لا تتقنها إلا العصابات، حاول خلال الفترة الماضية أن يقيم دولة موازية، بسلاحها وإعلامها، وبنفوذها الذي تمارسه عبر قيادات عليا ووسطية في السلطتين المركزية والمحلية، وفي البرلمان، وفي الأجهزة الأمنية والعسكرية، وأن يوثق علاقته الاستراتيجية مع دولة أمر واقع أقامها الحوثيون في صعدة.


ما حدث اليوم في صنعاء، نُفذ بخبرات أجهزة الأمن، ووفق تكتيك يقوم على تقطيع أوصال المدينة عبر مجاميع فوضوية، بحيث يظهر الأمر وكأنه احتجاج شعبي غير منظم، لكن كان واضحاً أن العناصر التي نفذت الاحتجاج، لم تكن إلا جزء من عصابة منظمة، ومسيرة عبر غرفة عمليات، ومن مؤشرات ذلك اعتماد العنف والفوضى، كوسيلة وحيدة للاحتجاج، فضلاً عن غياب المحتجين الحقيقيين، حيث لم تظهر سوى مجاميع توزعت على التقاطعات وشرعت في إحداث الفوضى.


ومن مؤشرات ذلك أيضاً أن هذه المجاميع استهدفت بالإيذاء بعض القنوان الفضائية التي لا تروق لها، وقد افتضح أمر المحتجين من نوعية الشعارات التي رددوها وأكدت بما لا يدع مجالاً للشك، حضور الرئيس السابق بقوة في المشهد، وقد شملت الشعارات عبارات تأييد لنجل صالح، فيما البعض ذهب إلى حد الإصرار على أن الاحتجاج لن ينفض إلا إذا أطل أحمد علي عبر التلفزيون وطالب المحتجين بالتزام الهدوء والانسحاب من الشارع.


وبإزاء هذه الحلقة الخطرة من حلقات إرباك الدولة ومحاولة إسقاطها، وتمثلت في الفوضى الممنهجة التي شهدتها صنعاء اليوم، وجاءت كرد فعل على ما يبدو للهزيمة الساحقة التي منيت بها مليشيات الحوثي وحلفائها من رجال النظام السابق، في عمران.


بإزاء ذلك حسم رئيس الجمهورية أمره وقرر الانتصار للدولة، وليس لأي طرف آخر، فجاءت قراراته بالتعديل الوزاري وبمجمل التعيينات الجديدة، والتي ترافقت أيضاً مع قرار بإغلاق قناة (اليمن اليوم)، لتؤكد أن الرئيس هادي فرض بكل هذه القرارات إرادة الدولة، ولذلك اتسمت هذه القرارات بالتوازن وبالاختيارات الموفقة إلى حد ما.


وما ينبغي الإشارة إليه أن هذه القرارات، موجهة بدرجة أساسية للرئيس السابق، وقد وضعته في خانة المواجهة المكشوفة مع النظام الانتقالي، ويتعين عليه أن يثبت من الآن أنه جزء من التسوية أو سيتم التعاطي معه باعتباره أحد الأطراف المعرقلة للتسوية السياسية، وإجراء كهذا سوف يتخذ في إطار قرار مجلس الأمن رقم2140، ما يفرضه من عقوبات.


أعتقد أن القرارات التي اتخذت اليوم من قبل الرئيس هادي، ستشكل حتماً نقطة تحول فاصلة في طبيعة الإجراءات التي ستتخذها الرئاسة ضد معرقلي التسوية، أياً كانوا، لقد استنفد الرئيس كل مابجعبته من حلم وأناة وصبر، وفي المقابل استنفد المعرقلون ما بجعبتهم من خطط للتعطيل وعمليات تخريب، وعلى الجميع أن يحتكم لاتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وأن يلتزم أيضاً بمخرجات الحوار الوطني..

"من صفحته في الفيس بوك "

مقالات الكاتب