مرحى أرض الجنتين!

المتطفلون لا يطاولون التاريخ، و التباب هيهات أن تسامي الجبال، و قناديل الفحم لا يمكن أن تضاهي ضوء الشمس.

أرض الجنتين لم تكن يوما من الأيام غَفْلا في التاريخ، و لا كانت مغمورة في فصوله و في أسفاره، و لا  سطرا في هامشه ؛ و إنما كانت أسفارا مسطورة، و هيهات لحُمُرٍ منسية أن تقرأ اسفارا !

الدهقان لا يحسن التعامل مع الحروف، ناهيك عن البناء فضلا عن قراءة أسفار تاريخ الأخيار .

الدهقان يحسن النفخ على النار، و يباهي بها حد إنكار آدميته، و شعوره بأن تاريخه مجدب قاحل، إلا على النفخ في  النار، فقد راح يداري شعوره بالنقص، بتمجيد النار، و لو على حساب تنكره لآدميته، ألم يقل قائلهم :

    النار أفضل من أبيكم آدم    فتنبهوا يا معشر الأشرار

    النار معدنه و آدم طينة     والطين لا يسمو سمو النار

هاهو ذا يمجد النار، معبودة كسرى و سلالته، و يحقر آدم، رغبة منهم في وصولهم إلى لمز العرب الذين حملوا رسالة القرآن، الذي أخبر عن آدم أنه من طين لازب .

مأرب التاريخ، مأرب الحضارة، أرض الجنتين تسجل مآثر اليمن و اليمنيين، و تعرض تاريخهم، و امتداد حضارتهم، التي سادها الرقي الحضاري و النفع الإنساني، حيث بنت السدود، و خزانات المياه، و لم يبن الإنسان اليمني حضارته بما يمجد الفرد، أو يختزل أمة في أسرة، يُسخّر لها حاضر الحياة و تاريخها ببناء قصور استعلاء، أو مدافن من أضرحة و قبور، تدل فيه على الكبر والتعالي لتقديس فرد أو أسرة.

اليوم تعيد مأرب كتابة التاريخ بصناعة المواقف، فالتاريخ سلسلة أفعال و أعمال و مواقف، تعمّر و تبني ، ثم تؤسس حضارة، و قد فعل اليمنيون ذلك، و كانت مأرب الواجهة، و كان لسبأ آية جنتان، و هي شهادة قرآنية، لا يأتيها الباطل، و لا يدركها شك، بينما المتطفل المتدسس يُمضي وقته في صناعة مزاعم و أوهام، و ادعاء مكارم و أنساب ؛ ليتسلق بها نحو ما يتطلع إليه من مجد مزوّر .

تسعى مليشيا الكهنوت الحوثية كنبتة هجينة متطفلة بزعمها و دعاواها و أوهامها أن يكون لها شأن، فتذهب عن طريق التدسس للتسلق على الأشجار الباسقة علها تكتسب شأنا و رفعة، و ما علمت أن النباتات الطفيلية لا يكون لها شأن و إن بلغت في تسلقها ذُرا الأشجار، فإنها سريعا ما تُزال و يتم اجتثاثها .

تسجل مأرب اليوم ؛ ببطولة فذة، و مواقف و أعمال نادرة، و أفعال متميزة تاريخا جديدا في الدفاع عن الوطن و الجمهورية، بل الدفاع عن الإنسان و الحياة، و كما كانت أمس متصدرة المشهد كعاصمة لسبأ، و كانت آية بنص التنزيل، فهي اليوم تعود لصدارة المشهد مفسحة المجال لكل اليمنيين في المشاركة لاستئناف كتابة التاريخ من جديد؛ ليكون لسبأ في مسكنهم آية ثانية، يكون عنوانها إسقاط مشروع كسرى التوسعي، الذي تقوده و ساوس أوهام  امبراطورية فارس التي دخلت بثقلها المعركة لتحقيق مآربها أصالة عن نفسها، و لم تعد مكتفية،  و لا راضية عن أداء وكيلها الحوثي الأداة الإجرامية الإرهابية المنفذة لإيران.

إن واجب الوقت لكافة اليمنيين اليوم- مع تجميد كافة المسميات السياسية و الاجتماعية- هو مناصرة مأرب في الدفاع عن الثورة و الجمهورية، و عن الشعب و الوطن، وعن الحاضر و المستقبل، و بكل صدق و واقعية، و دون منٍٍّ أو فخر الدفاع  عن الأمن القومي العربي .

إن على اليمنيين ألا يؤجلوا معركتهم مع مليشيا إيران إلى أن يأتي وقت تنفرد معه بهذه الجبهة أو تلك ، بل عليهم الساعة الساعة أن يخوضوا معركتهم بمشاركة مباشرة، أو من خلال جبهاتهم.

وتستطيع هذه السطور القول بالفم المليان، و إن على العرب  أيضا - ألا يؤجلوا معركتهم مع إيران، و قد أخذت تعربد هنا و هناك، خاصة و هي من تفرض الحرب اليوم على الوطن العربي في كثير من المناطق و البلدان، وعليهم تغيير أجنداتهم و طريقة تفكيرهم ، كما  أن عليهم حشد طاقاتهم الرسمية و الشعبية لإسقاط المشروع الكسروي المتربص بالمنطقة عامة.

مقالات الكاتب