عن حكومة حرب جيشها بلا رواتب!!

تخلت الحكومة الشرعية والقوى المُساندة لها، والمؤسسات والأجهزة الرقابية عن مسئولياتها وواجباتها الدستورية والوطنية في دعم الجيش والأمن وصرف مرتباته وتوجيه الموارد للحرب المصيرية.

هذه الأزمة المُتراكمة لم تنجح في الوصول إلى قُبّة مجلس النواب وقاعة مجلس الشورى، غرفتي السلطة التشريعية، وها هي في طريقها إلى التدويل وطاولة مجلس الأمن الدولي!.

كان معين عبدالملك، وهو رئيس حكومة "كفاءات سياسية/ وحدة وطنية" تحظى باعتراف وتأييد إقليمي ودولي، يجلس على أريكة فاخرة في جناح خاص بفندق الريتز بالعاصمة الرياض، ويرد على تساؤلات واستفسارات فريق خبراء مجلس الامن الدولي الذي كان عائداً من مأرب والمكلا؛ حاملاً معه أوجاع الداخل وهموم عدم إلتزام حكومة اليمن بصرف مرتبات منتسبي القوات المسلحة التابعة للشرعية؛ ومُعضلة ابقاء الجيش الأشجع بلا غذاء ولا دواء.

طرح المُحققون الدوليون أمام رئيس الحكومة نداءات القادة والأبطال وخُلاصة لقاءاتهم مع قيادة وزارة الدفاع وقيادة السلطات المحلية والقيادات العسكرية والأمنية في في الداخل اليمني.

قالوا له إن قيادة الجيش تشكو من قلة الدعم الحكومي للجبهات؛ وأن الجيش الوطني لم يتسلّم مرتباته منذ 8 أشهر؛ وأن الدعم لرجال المقاومة والمقاومة محدود جداً. نقلوا له أيضاً شكوى القيادة في حضرموت من عدم انتظام صرف مرتبات الجيش والأمن.

قال الدكتور معين، إن حكومته جعلت مدفوعات المُقاتلين في الجبهات النشطة "اولوية". وفقاً لما ورد في تقرير الفريق الدولي.

هذه الإجابات لم تكن مُقنعة لخبراء ماهرين ذوي علم ومعلومة. الأفعال تُناقض الأقوال، وحكومة تدّعي أنها تخوض الحرب لاستعادة وتحرير عواصمها المُحتلة تُهدر الأموال والموارد بعيداً عن المعركة وبنود الإنفاق لا تُعطي موازنة كافية للجيش والأمن منذ 6 سنوات على التوالي.

برّر الدكتور معين تأخير صرف مرتبات بوجود "تضخم" في كشوفات الجيش. نعم قال ذلك، وهو يعلم أن خير الأجناد الذين يُدافعون عن الارض والكرامة أملاً في أن تعود لهم صنعاء ويعودون إليها؛ يُقاتلون بلا مرتبات منذ عام، وأن في ذمة حكومته 17 راتباً من مُتأخرات ثلاثة أعوام مضت لذلك الجندي الذي يتخندّق بصبرٍ وجلادةٍ على خطوط التماس؛ وبطنه وبطن بندقيته فارغة.

يمضي عامٌ كاملٌ والمُقاتلٌ والجريح والمُعاق وأسرة الشهيد بدون مرتبات، ورئيس حكومة يتحدث عن "تضخم" في الكشوفات!!. في ظل حرب مُشتعلة على كل الجهات والاتجاهات؛ وتضحيات مُتدفقة وجيشٌ يُعاد تشكله من الصفر وقوة بشرية سائلة، لا يكون من المقبول معاقبة الجندي في "الجبهات المُشتعلة" الذي يدفع روحه ويقف تحت نيران العدو بجريرة الـ"تضخم"!.

استهداف وحصار
يقف أبطال الجيش التابع للشرعية في مسرح القتال بمأرب وأيديهم على الزناد وأعينهم على صنعاء ولا يحصلون على الراتب والسلاح والذخيرة، ومن حوالَيه تتكدس تشكيلات مُنفلتة بُنيت خارج الشرعية وخارج مؤسسات الجيش والأمن؛ تتلقى دعومات سخية وأسلحة متطورة ورواتب مُنتظمة بعملات غير يمنية!!.

فضلاً عن أن الرواتب والدعم والاعتمادات تذهب لذلك الضابط الذي يجلس بجوار عيدروس وبن بريك وتحت لافتات "النجمة الحمراء"؛ وذلك الجندي الذي يصوب بندقيته إلى صدر الشرعية ويرتدي بدلة نُسجت من خليط من الاقمشة العربية والأعجمية. علماً أن الوحدات العسكرية في عدن ولحج وابين والضالع وتعز وفي المكلا تستحوذ على 75% من المقدرات والملاك البشري للجيش، تتقاضى موازنات ومرتبات شبه مُنتظمة.

صنوف الأعذار لايمكنها تبرير هذا الحصار المفروض على جيش الجمهورية، والحديث عن عوائق وأسباب موضوعية لم يعد مقبولا، ويعد خذلاناً وخيانة.

ذلك الحصار المالي يتوازى مع الهجومات الإعلامية التي تُنتجها ماكنات العدو الحوثي الإيراني في ضحيان والضاحية، وتتناغم مع حملات مُنظمة من التشويه والتشهير والتخوين والتخذيل ممولة من خصوم الشرعية وحليفتها السعودية ومن أطراف تتدثّر بلبوس الولاء للجمهورية والمشروع العربي.

في تصريح سابق قال المُناضل اللواء محسن خصروف، رداً على تلك الافتراءات والافك المُدنّس بدراهم المستعمر الطامع التي يُرمى بها الجيش والمقاومة: "هاتوا لنا فلوس وقولوا عنّا فاسدين.. كيف نكون فاسدين بلا مال!؟".

سلاح ومال.. ومعلومة
هدف استعادة الدولة وإنهاء التمرد والإرهاب معقودٌ بأفواه بنادق المُقاتلين البواسل الذين يسكبون الدم والدمع لإعلاء راية الجمهورية اليمنية، ولا يتحقق إلا بمُعالجة الاختلال القائم في إدارة الوارد والمُنصرف في المالية العامة للدولة.

إصلاح الانحراف في إدارة مصفوفة أدوات وملفات المعركة اليمنية العروبية يبدأ بإيلاء الملف العسكري والأمني "اولوية" حقيقية، فالدول التي تخوض الحروب تُسخّر كل امكاناتها وقدراتها وتسكب كامل مواردها ووارداتها لجيشها ومُحاربيها.

تضمنت التوصيات التي قدّمها فريق الخبراء في تقريره الأخير دعوة مجلس الامن الدولي للإشارة في قراره المُقبل إلى أن "تأخر دفع المرتبات وكذلك نقص القدرات لدى القوات الأمنية والعسكرية التابعة لحكومة اليمن (الحكومة الشرعية) يشكلان تهديدا للسلام والامن والاستقرار في اليمن، ويشكلان عائقا أمام تنفيذ حظر الأسلحة المحدد الأهداف عملاً بالفقرة 14 من القرار 2216 (2015)".

وتوصية أخرى دعت مجلس الأمن إلى "العمل مع الدول الأعضاء لزيادة الدعم لجهود بناء قدرات قوات خفر السواحل اليمني وقوات مراقبة الحدود في اليمن وفي غيرها من دول المنطقة من أجل تحسين تنفيذ حظر الأسلحة المذكورة في القرار 2216".

قال فريق الخبراء بوضوح ان استمرار دعم وإنشاء تشكيلات مسلحة خارج سيطرة الحكومة الشرعية يمثل تقويضاً لسلطة الحكومة ويهدد الاستقرار في اليمن.

القرارات الدولية تُطالب بوقف أي دعم أو تمويل للتشكيلات غير الخاضعة للشرعية، وتعتبرها تهديداً لأمن واستقرار اليمن، ونصوص "اتفاق الرياض" وملحقاته تضمنت دمج كل التشكيلات ضمن مؤسسة الجيش والأمن تحت قيادة موحدة لوزارتي الدفاع والداخلية.

الحروب هي سلاح ومال ومعلومة، ولا يليق بنا كيمنيين أن ينظر العالم و/ او ينتظر منا كحكومة أن نصرف مرتبات جُندنا المُقاتل ودعم جيشنا بضروريات القتال!!.

الجندي الذائد عن شرف الجمهورية يؤذيه الخذلان، ولا تكفيه برقيات التحايا والتهنئات.
*نقلا عن المصدر أونلاين

مقالات الكاتب