ماضون في درب السلام العادل
الطريق إلى المشاركة السياسية معالمها واضحة ودروبها سالكة، ذلك أن النظم الديمقراطية الحديثة أتاحت الكثير من خيارات الفعل السياسي التعددي السلمي، التي وفرت مناخاً ملائماً لكافة أبناء الوطن بمختلف تشكيلاتهم وانتماءاتهم في الوصول إلى الحكم والمشاركة فيه بالاستناد إلى إرادة الشعب، وهذا الأمر لم يعد خافيا على أحد فهو من مسلمات العمل السياسي وأبجديات الشرعية الدولية.
إن فرض الخيارات بقوة السلاح وممارسة الإرهاب ومحاولة القفز على الإرادة الجمعية، يعد ارتدادا لا تسامح فيه ولا تهاون ولا مساومة، فقد ولى زمن الظلام والكهنوت والتفرد، وانطوى عهد الاستقواء بأجندة الخارج لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، فالشعب اليمني قد شب عن الطوق وتجاوز عهد الوصاية والارتهان، وقواته المسلحة معنية بدرجة رئيسية في تحقيق إرادته وتطلعاته وصناعة مستقبله المنشود شاء من شاء وأبى من أبى، ولن تذهب تضحياتهم الجسام ودماؤهم الطاهرة أدراج الرياح، فهي ثمن باهظ قدموه بسخاء من أجل الحرية والكرامة والسيادة والتوزيع العادل للثروة والسلطة وبناء اليمن الاتحادي الجديد.
على أي حال من الأحوال لا يقبل اليمنيون سلاما منقوصا زائفا يؤسس لدورات صراع جديدة، وهو حق مكفول لهم في كل القوانين السارية ومرجعيات الشرعية الدولية، خصوصا وأنهم قد خبروا مليشيا الحوثي المتمردة القريبة إلى الإرهاب والتطرف ومخالفة الإجماع الوطني والبعيدة كل البعد من السلام والتوافق والعمل السلمي، لا أدل على ذلك من نقضها لكافة العهود والاتفاقات التي تلجأ للموافقة عليها بهدف إعادة ترتيب نفسها للاستمرار في تحالفاتها مع التنظيمات الإرهابية، وأعمالها الغادرة المهددة للأمن والسلم الدوليين والخطرة على استقرار البلاد ودول الإقليم.
ووفقا لهذه المعطيات والمؤشرات الجلية، فإن الوصول إلى سلام شامل ومستدام، لن يكون إلا بإلحاق الهزيمة العسكرية بالمليشيا الحوثية المتمردة، رأس حربة الإرهاب في اليمن، ويد إيران العابثة بالإقليم، وبدون تحقيق ذلك فإن سائر الحلول ستكون منقوصة ومجزأة يقتصر دورها فقط على ترحيل المشكلات لتصبح مستقبلا أكثر تعقيدا وكارثية، ولأجل ذلك وبعد تضييع المليشيا لكل فرص السلام واستهتارها بكل العهود والمواثيق، ترسخت قناعات كافة الشركاء الدوليين ودول المنطقة بضرورة دعم خيارات القوات المسلحة الممثلة لإرادة الشعب اليمني في القضاء على مليشيا الحوثي المتمردة وكافة التنظيمات الإرهابية المرتبطة بها والمدعومة من إيران كضامن وحيد للعبور بالبلاد إلى بر الأمان وتأمين مصالح الجوار والإقليم والعالم.
لا سلام مع التطرف والإرهاب والتمرد، ولن تكون العاصمة صنعاء وكل شبر في هذا الوطن إلا في حضنه العروبي، وبالإرادة القوية والعزيمة الصادقة لأبطال الجيش ستذهب كل القوى الطارئة والدخيلة إلى مزابل التاريخ، وتعلو راية اليمن الجمهوري الاتحادي عالية خفاقة لا تهزها عاصفة ولا تشوبها شائبة، وإن غدا لناظره قريب.