لابد لليل أن ينجلي
قدر المليشيات المحتوم أن يصل بها المطاف إلى نهاية مخزية ومصير قاس يجعل منها عبرة تاريخية لكل من تسول له نفسه الخروج عن إجماع الناس وإرادة الشعب، أثبتت ذلك وقائع التاريخ وتجليات الأحداث ودروس الحياة المتكررة، ولنا في مليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران خير عظة وعبرة والسعيد من اتعظ بغيره، هذه المليشيا التي أسست بنيانها على شفا جرف هار وبنيان هش جمع بين تطرف الفكر وتضارب المصالح وتعارض الأهواء واختلاف المقاصد ها هو ينهار بها إلى قاع سحيق لا مفر منه ولا مخرج، غير المزيد من الصراع البيني والتآكل من الداخل الذي يسبق الفناء الأخير، وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيئات ما عملوا.
بنهج الاغتيالات والإجرام المتبادل دشنت مليشيا الحوثي الفصل الأخير من نهايتها، وبهذه الحيثية تحديدا نستطيع أن نميز الخبيث من الطيب ومشاريع الملشنة من مشروع الدولة الجامعة الملبية لتطلعات كافة أبنائها لا فئة دون أخرى، فقد واجه مشروع الدولة كل أثقال وأحمال المؤامرات والتحديات والعقبات وما زادت حامليه إلا إيمانا وتسليما، وما ألحقت به إلا بريقا ولمعانا وقوة وصلابة، وأسندت المليشيات بدعم مهول من إيران وحليفاتها لكنها تحث خطاها نحو التآكل والانهيار، وهي معادلة بسيطة لمن كان له قلب، فماذا تظنون بمصير لفيف مرتزق مصالحه ضيقة وأفقه محدود وهدفه مفقود.
لا ينبئك مثل خبير متفحص واع لدروس التاريخ ومآلات الأحداث، فما نشهده اليوم من صراع مراكز النفوذ المليشياوي يشير وبكل تأكيد إلى قادم أسوأ سيحل بأجنحة المليشيا المتصارعة التي لا يربط بينها رابط وثيق غير أطماع النفوذ والاستئثار بالمنافع، وهل يعد هذا رابط أصلا!
وما يجب أن ندركه بفهم عميق وفكر ثاقب كدرس تاريخي يجب استحضاره دوما وتنشئة الأجيال عليه، أن ما وصلت إليه المليشيا من حالة مزرية لم تحدثها محض الصدفة، وإنما ناتج تراكمي لاستمرار ثبات أبطال القوات المسلحة وتحملهم وجلدهم وتضحياتهم، ودوام تمسك القيادة السياسية والعسكرية وعموم الأحرار بمبدأ الدولة وقيم الجمهورية ومصالح الشعب العليا، وإن النصر مع الصبر والثبات والإرادة الجمعية.