مشهد العقاب الجماعي في عدن
نبهنا في مقالات عدة من خطورة إهمال جيش اليمن الجنوبي , وأهميته في استعادة الدولة , وجدنا استحسان من البعض , واستهزاء من آخرين , قول أحدهم أنت تريد تحيي العظام وهي رميم .
استحسان ممن أفنوا حياتهم في خدمة الجنوب اليمني ,بولائهم الوطني , واسطورة الجيش المهاب , و وجدوا انفسهم مهمشين مقصيين , حتى من التشكيلات العسكرية التي تأسست تحت عنوان الجيش الجنوبي , وأمل استعادة الدولة الجنوبية .
واستهزاء ممن صاروا قادة ورتب عسكرية , ومصالح و ولاءات وجماعات , وجدت نفسها في غفلة زمن في وظيفة من المستحيل تربعها في ظل وضع سوي ونظامي وقانوني , بمرتب بالعملة الصعبة, حلم من أحلام اليقظة , وبالتالي صار الحديث عن النظام والقانون , وتسوية الوضع السياسي والعسكري , يُقِضّ مضاجعهم .
ما يحدث كان متوقعا لكل متابع للمشهد السياسي , حذرنا ولا زلنا نحذر من ظلم الناس وتعسف حقوقهم وتهميشهم واقصائهم , الظلم ظلمات , والجوع كافر, والمؤسف ان العملية كانت تسير وفق مخطط استراتيجية تسيير الشعوب , بدعم التحالف .
واستراتيجيات تسيير الشعوب هي إحدى السياسات المعتمدة بشكل كبير للسيطرة على المشهد السياسي , والتحكم بغضب الناس وفق سياسة الامل , تبقى تلك الشعوب تعيش ذلك الأمل في حدوث الأفضل , يمر العمر , ويسيطر البؤس ويجثم على صورهم اليأس , وتبدأ مرحلة الإلهاء كتوابل تغير طعم الامل من حين لآخر , لتستمر عملية الامل اطول فترة ممكنه تتحكم بمصير الناس .
ونجد أنفسنا في فصول سيناريو لمسرحية يكون البطل فيها العنف , يسيطر ويتمكن ويتحكم بالمصير , وتبدأ مرحلة صراع خفي تحت عنوان الامل , إعلان النفير وإدارة معارك عبثية , والنتيجة تتأزم المشكلات وتتعقد القضايا , ونفقد ما كان بأيدنا من امل ,ونغرق شيئا فشيئا في الإلهاء والتوهان , لإخفاء حقائق ما يدور , فنجد أنفسنا في مواجهة بعض , فاقدي مصالحنا وحقوقنا .
لتسيير الناس وفق اجندة , أغرقهم بالمشكلات , جوعهم , شتت نظرهم عن المشكلة الأساسية عن الهدف , عن الامل وما يتطلعون , انهكهم ثم تبدأ مرحلة قطف ثمار الاجندة , ومن تلك الثمار تسليم الأمر والاستسلام , وبداية عرض المبادرات والمصالحات والحلول , وكلها تصب في تنفيذ الاجندة .
ولن تنجح تلك الاجندة دون مال واعلام , يروج لمصالح الناس وهي تطفو على السطح , بينما تختفي في الاعماق مصالح واهداف ذات ابعاد اشد خطورة ,لا يدركها سوى من كانت له القدرة على أن ينظر خلف المظاهر ويستنتج بغوصه في أعماق السياسة وتفكير دواهي التخطيط والتنفيذ .
اليوم نعاقب بعض , فيما تبقى من خدمات واحتياجات , لا غبار على حق العسكريين , الغبار على الإجراءات التي لم ترعى الحق العام والصالح العام , وتعيين محافظ توافقي , الغاية في اختراق قوى مصالح اليوم في إدارة تلك الاحتجاجات , والناس منهكين اصابهم اليأس والبؤس ,سنوات القهر والتسيير والإلهاء كانت كفيلة بفقدانهم الامل بالعام , وعليهم التفكير باحتياجاتهم وخصوصياتهم ولو على حساب الآخرين .
لو نظرنا للمشهد العام بشفافية وحيادية , سنجد كل القوى الوظيفية للدولة اليمنية مدنية وعسكرية مظلومة , مشهد فاقد للعدل والإنصاف , حينما صدر قرار رفع رواتب العسكريين100% لازال المدنيين لليوم ينتظرون إنصافهم بقرار مماثل , وخاب أملهم , اليوم ما يعانيه العسكري , يعانيه المدني مضاعف ,وكلنا سنخرج نعطل الحياة على الكل نعاقب بعض , ونغلق على بعض ما تبقى من منافذ المعيشة والحياة والتنفس , بينما المستفيدين من هذا الوضع خارج إطار العقاب ,تحالف لا يهتم ولن يهتم , كيف سيهتم وهو من رسم تلك السيناريو وادارها بحنكة و بأدوات منا وفينا , وشرعية مهاجرة فاقدة القدرة على الحركة , وقوى سياسية وحراكية مقيدة تحت هيمنة التحالف .
عطلوا ميناء عدن , أغلقوا مطار عدن , أوقفوا استيراد وتصدير المواد البترولية والاستهلاكية , ضيقوا الخناق على المدينة عدن , بس أتركو لنا مقابر تحفظ لنا كرامتنا بعد الممات , وهذا ما يريده التحالف , لا يهتم غير بالأرض والموقع الاستراتيجي, بالثروة في باطن الارض وما فوقها , في اعماق البحار وجمال الجزر , يريد تعطيل المؤسسات الحيوية ,لتربح مؤسساته , ونتحول لمجرد سوق استهلاكية .
معاك التحالف تستنزف الإنسان , هو يعرف جيدا هذا الانسان العصي وصعب المنال , ان باع لهم اشخاص ( خذو الجنوب لكم ونبصم لكم بالعشر ) هناك ملايين لن تبيع , معطاة وقوية الإرادة , وإصرارهم على تطويع الإنسان وإخضاعه وكسر إرادته , تجويعه وتحطيم معنوياته ,سيفشلون لا محالة إذا ما صحا الناس وعرفوا أن مصيرهم واحد , وانهم جميعا دون استثناء مستهدفين , متى سيعرفون ويعقلون ؟!.