26 سبتمبر الفجر الذي أضاء ربوع اليمن

بكل ما تعنيه الكلمة فقد كانت صبيحة السادس و العشرين من سبتمبر الفجر الذي أضاء ربوع اليمن، و بكل ما يعنيه الحال و المقال، فقد كان الحكم الإمامي - ممثلا ببيت حميد الدين  - ظلاما حالكا و ظلما فادحا، و تخلفا بائسا و مهولا.

ظلم الحكم الإمامي الكهنوتي يتمترس خلف النسب، و هو الحكم الذي امتد ظلمه، كما امتد فجوره إلى الإساءة البالغة لمن يتوسلون بالانتساب إليه، من أنهم ( أبناء) رسول الله، و عليه أنزل الله :" ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين". و مع ادعاء النسب و التفاخر به، و ادعاء الأحقية بكل شيئ، و تملك كل شيئ، لكن الإمامة عبر فترات فجورها في اليمن ظلت تخالف كل تعاليم و مبادئ و أوامر و نواهي من تدعي النسب إليه، فبينما الرسول الكريم يبين ويؤكد " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " كان حال هؤلاء - منذ يحيى الرسي إلى بيت حميد الدين، وصولا إلى آل بيت بدر الدين الحوثي  - أن يخالفوا هذا المبدأ العظيم، و إذا سلوكهم و واقع ممارساتهم تقوم على : كل المسلم على الأئمة حلال دمه و ماله و عرضه !

 وهذا ما دأب عليه الحكم الإمامي الفاسد، حيث صيّر الأئمة أوامرهم التي تصدر عنهم أحكاما مقدسة واجبة الاتباع ! 

لذلك كانت صبيحة السادس و العشرين من سبتمبر فجرا طوى ليلا أسود طال أمده، على حين أشرقت الشمس على ربوع اليمن، و انكسر  الباب على زنزانة كبيرة اسمها : اليمن، ارتاع العالم أمام مشهد بلد قادم إلى القرن العشرين من وراء ألف سنة عملت فتن الأئمة على إعاقة سيره و مسيرته طوال تلك الفترة، و لولا إصرار اليمنيين في المقاومة لفتن الأئمة فظهرت دول حافظت على بقاء الشعب و الوطن كدولة بني رسول و غيرها من الدول التي سبقت و تعاقبت، لكانت اليمن قد أصبحت نسيا منسيا .

جاء فجر السادس و العشرين من سبتمبر 1962م. ليقدم جردة حساب حكم بيت حميد الدين ليكشف للعالم أن اليمن بلا مدارس، و لا مرافق صحية، و أن 95 بالمئة من اليمنيين - فيما كان يعرف بالشمال - لا يعرفون السيارة ، و أن اليمني الذي يسمع بصنعاء أو تعز او إب أو الحديدة، منذ أن يولد إلى أن يموت لا يستطيع الوصول إلى أي منها، بسبب العزلة الداخلية المفروضة حيث لا طرق مواصلات، و بالتالي لا وسائل نقل تسهل ذلك.

ببركة الحكم الإمامي الفاسد، لم يكن مسمى طبيب، أو مهندس، أو معلم، أو كتاب،  أو صحيفة، أو راديو، أو مدرسة ... معروفا لليمنيين.

 ليس في هذه السطور أية مبالغة، و ليسأل أحدنا كبار السن : كم مدرسة في عهد حكم بيت حميد الدين كانت بعزلتك، بل بمديريتك، بل بمحافظتك ؟ ستكون الإجابة صفرا بالطبع ! و هكذا في كل شيئ .

لقد كانت دواعي ثورة 26 سبتمبر فريضة شرعية، و ضرورة إنسانية و حياتية.

واليوم تستميت بيت بدر الدين الحوثي لتعيد اليمن بزعمها إلى الجنة و الرفاه، و المستوى التعليمي و الاجتماعي الذي كانت عليه اليمن أيام حكم أجدادهم بيت حميد الدين !!

وترى بيت بدر الدين الحوثي أن أُولى خطواتهم : تقسيم اليمنيين إلى قناديل و زنابيل، كتجديد متطور لما كان في عهد بيت حميد الدين  : سادة و رعية ، و خطوة أخرى أنهم لا يرون في اليمن و اليمنيين إلا صورة الخُمُس الذي يتوسلون به لنهب كل شيئ من اليمنيين.

وكما كانت ثورة السادس و العشرين من سبتمبر المجيدة فريضة و ضرورة، فإن مقاومة إمامة بيت بدر الدين الحوثي فريضة و ضرورة، قبل أن تزول المدارس، و الجامعات، و المشافي و الطرق من كل اليمن ؛ لتعيد الإمامة الحوثية البلاد الى عهد أجدادهم بيت حميد الدين  !!

مقالات الكاتب