لنقاوم ونقاتل ونحتفل .. إنها أشهر الكرامة
للأشهر (سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر) مكانة خاصة في الذاكرة اليمنية، هي أشهر الكرامة والإباء والثورة اليمنية، فيها دك الثوار صرح الإمامة الكهنوتية، وتحرك المارد من ردفان الأبية، وتحقق الاستقلال الناجز، ورفرفت في جنوب اليمن أعلام الاستقلال والجمهورية.
أشهر ثلاثة تضاهي بأحداثها وتحولاتها أحداث التاريخ اليمني بامتداده الموغل في القدم، وهي في عظمتها تعانق السماء، فيها ارتفعت رايات الحرية والمساواة والعدالة، وغدت شيئاً من عقيدة سياسية توجه بوصلة الحياة في مجتمعنا، تقاوم الجهل والعنصرية، وترفض الخضوع من جديد، ويعمدها شباب المقاومة وعمالقة الجيش بمواقف البطولة.
لو أردنا أن نقرأ مظاهر التحول في اليمن، بعد عصور من العزلة والتخلف والعنصرية والاستعمار سنجد أنها ترتبط بهذه المناسبات، فمن أحشائها بني اليمن المختلف المتحرر، ومن قلبها تحقق حلم اليمنيين بيمن موحد، من وحيها جرت المحاولات الأولى لتأسيس دولة مدنية ديموقراطية، وإن أجهضت، كانت هذه المناسبات علة التحول، الذي غدا بدوره عللاً للتقدم والاستقلال.
من نورها عرف اليمن، المدرسة والجامعة ومراكز البحوث والمستشفى والطريق والكهرباء والاتصالات وسد مأرب وملاعب الرياضة ودور السينما وكل وسائل العيش المعاصرة، يحاول الطغاة الآن مستندين إلى هذا الإرث الخرافي إعادتنا مرة أخرى إلى العصور الوسطى، وهم يستخدمون بعضنا في عبودية مذلة، لاسترجاع ماض كره اليمنيون في عمومهم استرجاعه، لاختلاف الزمان والمكان والإنسان.
لنقاوم ونقاتل ونحتفل، ولِنعلَّم أطفالنا ومن حولنا قدسية هذه الأيام الوطنية، لنحتفل بروح مقاومة، وعناد وطني لا يقبل الضيم، لنستدعي في أعماقنا جذور الحرية، التي أنبتها فيها زعماء اليمن، ومناضلي الثورة اليمنية، والمؤمنون بوحدة الوطن، والمدافعون عن هويته فهكذا فقط يكون الوفاء لهم.
لنستلهم هنا أيضاً الخطاب التغييري المحرض ضد الظلم، في الحديث الثوري للرسول الكريم "من رأى منكم منكراً فليغيره بيدة، فإن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، الإيمان بالله، والإيمان الضمني بالحرية وبالوطن. احتفلوا بسبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ومايو العظيم، ولو في الغرف المقفلة، تحت الأضواء الخافتة.