اضراب المعلمين والنهاية الحتمية

للعلم انني اكبر مظلوم في المعاش والراتب , وبعد 40 عاما من العمل التربوي والنقابي يفترض انني قد تقاعدت في 2010م , ومتقاعد دون نفقة وتسوية وعلاوات وحقوق , والمظلومين من الزملاء كثر , في وضع بلدي هذا مش مهم , الهم الذي يشغلني ويوجع روحي هو حال البلد وعدن , وعندي امل لو صلحت البلد وصلحت عدن , سيصلح حالي , ظلمي يحتاج لدولة عادلة ومنصفة ومحترمة , تحترمنا وتحرم تطلعات الناس واحلامهم وطموحاتهم .

البلد تعيش ازمة اخلاقية وفكرية , تحتاج للتضحية واستغلال الزمن واستمرار العملية التعليمية والتربوية لمواجهة تلك الازمة , دون مواجهة تلك الازمة لا حديث عن دولة مدنية ونهضة , حتى الذين يرفعون شعاراتها هم يفتقدون لأخلاقيات وفكر وثقافة هذه الدولة , وإلا ما كانت تلك الانتهاكات والممارسات المعيبة , وتلك الثقافة الرديئة من كراهية واحقاد وتخوين واتهام وتصنيف وازدراء من الاخر , ما كانت تلك العقلية التي تريد اجتثاث الاخر , وترفض مبدأ التعايش , ما كان لضرورة تفريخ كيانات نقابية ومجتمع مدني دون كفاءة واختصاص , في قاعات خاصة ونشاط مدفوع الثمن , دون انتخابات حقيقية من القاعدة , من داخل المرفق المعني , وباختيار الافضل مثابرة ونشاط واجتهاد , دون تسييس للنقابات والحياة العامة , دون تغييب لدور عدن وكوادرها , لفرض مشرفين من الريف , بينما البلد غني بالكوادر والخبرات , فرض علينا من لا كفاءة ولا خبرة ولا اختصاص , من ذوي الحماس والشطط والنطط والتهور , اصحاب الثقة الحزبية والعصبة , القضية هي فرض امر واقع علينا تقبله , في خلل واضح في التركيبة .

هذا الخلل جعل البعض يصدق ان اضراب المعلمين في شهره الثالث من اجل مصلحة التربية والتعليم , التي تعتبر سحر النهضة , والمعلم محور هذا السحر , وتصور عندما يكون هذا السحر بيد مشعوذ , فلن يكون غير وصفة من الخزعبلات والطلاسم التي تسحر الناس , وهي تثير فيهم الفتن وتمزق اوصالهم , لهدف السيطرة عليهم موقتا لتنفيذ اجندات لا علاقة لها بأخلاقيات وعدالة القضية , وتعطل مسار التحول والدولة التي ننشد لهدف في نفس المخرج .

خلل العقلية التي تعاند , ونخسر بسببها الكثير , خسرنا الهامش الديمقراطي , وصارت تلك العقلية تعتبر الراي الاخر خيانة , خسرنا الدولة , ولم يتبقى منها غير شبه دولة حدود قدرتها صرف الرواتب الغير كافي , وهي تحت التهديد بالطرد , واعتقد انها قد طردت , ونحاول ان نبتزها , دون ان نقدم لها يد العون والدعم والسند ليستقيم عودها , وتستعيد سلطتها على الارض والموارد والايرادات , لتتمكن من عمل موازنة تستوعب تلك الاستحقاقات .

العقلية المعاندة تصنع الازمات , وتضع المعوقات وتعيش وهم الضغط لانتزاع الحقوق , من شبه حكومة على الواقع تستدعي دعم شعبي وجماهيري لتستعيد الارادة والسيادة , والخوف ان نفقد شبه الحكومة تلك ونقع في المحتوم كما وقع زملائنا في المناطق التي تحت سلطة الحوثي كل سته اشهر نصف راتب , حينها لا ينفع الندم , وشهرين تكفي ليحقق التجهيل على الارض , الضرر واضح وجلي , وتلك العقلية ستقودنا لأيام اشد سوءا ومعاناة والله يستر .

مقالات الكاتب