جمهورية رغم أنف الكهنوت

قبل الثورة الشبابية الشعبية في فبراير 2011م. كانت القوى السياسية تسعى جاهدة للتوصل مع النظام إلى ترسيخ قواعد ديمقراطية سليمة ، و قواعد ديمقراطية صحيحة تضمن للعملية الانتخابية الإجراءات السليمة، و التي تكون نتائجها معبرة عن الإرادة الشعبية، خالية من التزوير والتزييف و المصادرة .

  و كان هناك أيضا حراكا شعبيا بصورة احتجاجات مطلبية، أو اعتصامات لإصلاحات سياسية ، أو تبني قضايا شعبية.

   في هذه الأثناء، و قبلها، و بعدها كانت الحركة الكهنوتية ممثلة بجماعة الحوثي، تقوم بحرب عصابات ضد الدولة، و سنتجاوز هنا الحديث تقاصيل تلك الحروب التي كانت تقوم بتلفون و تتوقف بتلفون، كما صرح بذلك مرارا و تكرارا قيادات من عمق النظام حينها، و عرف ذلك الخاص و العام.

  كان النظام يومها يعمل لتوظيفها لعدة حسابات - و لا داعي أن تفصلها هذه السطور الآن - و كان يظن أن الطرف الكهنوتي سيكون تحت السيطرة، فيما كان الحوثي يتعاطى مع الأمور بحساباته هو مستفيدا من الحسابات التي كانت لدى النظام في التمكين لنفسه.

 وحين كانت القوى السياسية ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك تخرج بوقفات، أو مسيرات متبنية قضايا شعبية و تحت راية العلم الوطني بكل فعالياتها، كانت جماعة الحوثي تنظم مسيرات بمدينة صعدة و لكنها لا تتبنى فيها أي مطالب شعبية، و لا تتحدث عن أي قضايا وطنية ، و في غياب تام للعلم الوطني أو أي شعار من شعارات النظام الجمهوري.

في كل فعاليات الجماعة الكهنوتية، و أدبياتها التي كانت قبل فبراير لم تتحدث عن أي قضايا تنموية، أو مطالب شعبية، أو ذات صلة بالعمل الديمقراطي، بل إن الديمقراطية سخر منها بدر الدين الحوثي في مقابلة صحفية أجريت معه ، و لكن الحوثي وجد نفسه و جماعته أمام ثورة شعبية عارمة فراح يتظاهر - تقية - بأنه مؤيد للثورة، في حين كان في الوقت نفسه يتسلل للتمدد في مناطق خارج صعدة، و يتلقى الدعم السخي في ذلك نكاية بالثورة و الثوار ، مثلما كان يتلقى إبان حكومة الوفاق و يتسلم الأموال  القذرة ، و بحسب تعبير المحلل السعودي أنور عشقي - الطاىلة، هذا ناهيك عن دعم إيران و التهاون المخزي لوزير الدفاع  - وقتها - و الذي قال أن الجيش سيقف على الحياد .

  إن ثورة فبراير بكل مؤيديها في مواجهة معلنة ضد الكهنوت الحوثي منذ تنكر الحوثي لمخرجات الحوار الوطني، و الذين انخدعوا به و حالفوه يوما ثم مكر بهم، عليهم أن يدركوا جيدا أن الحوثي كان و سيضل عدوا للثورة و الجمهورية، وعدوا للحرية و المساواة و الديمقراطية، و إن عليهم أن يدركوا أيضا أن العدو الوحيد لليمنيين اليوم هو الحوثي.

  و بالتالي، فإن على الصف الجمهوري اليوم أن يكون عند مستوى التحدي، بكل أطيافه و ألوانه ، و ثوار فبراير الذين شهدتهم الساحات في كل أنحاء الوطن ؛ هم اليوم في الصف الأمامي لمقاومة الكهنوت الحوثي، و الذين يريدون تخطئة ثورة فبراير أو انتقادها، سيدخلون في جردة حساب خاسرة، لو فتح هذا الباب، و خير لهم من جردة الحساب تلك، أن يعتبروا - على الأقل - ثورة فبراير محطة من محطات التصحيح لمسار الثورة اليمنية ، كما أن على المنتقدين، أن يدَعوا الناس يتناسون أخطاء الماضي، و مما يساعد في ذلك عدم تقديس تلك الأخطاء ( الماضية ) !! و لينشغل الجميع بالحوثي العدو المشترك.

مقالات الكاتب