في رثاء أبن الصفراء

وداعاً أيها المناضل الصابر الجلد، وداعاً رفيق الدرب، صديق العمر، زميل النضال، كنت رمز شباب شبام، ووادي حضرموت، وها قد غادرتنا وقد غدوت رمزاً من رموز الوطن، نم قرير العين أباعمر، قد قمت بواجبك الوطني، (كفيت ووفيت) فلم تسرف ولم تقتر، كنت كعادة أبناء الصفراء لا تفريط عندهم في قضايا الوطن ولا إفراط.

أحببت اليمن الديمقراطي، مناضلاً في صفوف الجبهة القومية، شاباً، وقائداً، وفي سبيله خضت معارك الدفاع عن نظامه الوطني، وعن استقلاله، وعندما اتسع الوطن بقدر اتساع أحلامك الوطنية، (اليمن الكبير) كنت في مقدمة الصفوف دفاعاً عنه، دفاعاً عن حلمك وحلم أبنائك وأحفادك، أبناءنا وأحفادنا، أرهقك الهم الوطني في الواجب وفي حياتك العادية، الواجب الذي حملته معك في حلك وترحالك، في سكونك وفي حركتك، فأتعبك حتى أدناك إلى بارئك العلي العظيم.

اخترت الابتعاد عن الأضواء، والانزواء في "عرشان" -طريقي للقرية- عرشان التي كانت أرضاً قفراء وغدت الآن بلدة جميلة، بعد أن وضعنا ورفاقنا الآخرين سوية مخططها الأصغر، لاحتواء حالة خاصة، غادرت وأنت تحمل الكثير من هموم الوطن، ترجلت مدركاً كيف يغدر الزمن الردئ بالمناضلين، والخيرين وعاشقي اليمن من أمثالك.

هذا الزمن تعرفه جيداً، وقد خبرته في مؤسسات الدولة التي عملت بها، وقد رأيت كيف غدر ببعض رفاقك أمام عينيك، كنت شجاعاً وجسوراً، فلم تغادر مدينة هي رمز حضارة الطين المتميزة، التي لا يشبه جمالها وعلو مبانيها وسمو أخلاق أهلها، وذكائهم وعمق معارفهم شيئاً في هذا الكون، واخترت البقاء مع أناساً عشت لهم، أحببتهم حتى النخاع كما أحبوك، وداعاً أخي وصديقي عبيد جمعان حيدر. وداعاً أبا عمر، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات الكاتب