2020م عام الامل لكتلة وطنية
لأهمية التقويم الميلادي في حياتنا , فلا ضير في تقييم مسيرتنا مع نهاية كل عام وبداية عام جديد منه, ذهبت اعوام منذ ثورة الربيع اليمني , وذهبت خمسة اعوام منذ تحرير عدن وما حولها , ونودع اليوم عام 2019م ونستقبل عام 2020م , مسيرة ثورة وتحرير شعب مفطور بالخيبات .
هي تجربة مريرة يفترض ان تشكل وعيا لدى النخب والجماهير معا لضرورة التقييم العلمي والموضوع لمرحلة مهمة من مراحل الصحوة الشعبية , شعب حطم قيود الذل والخوف والصمت وسعى نحو تطلعاته في التغيير الحقيقي باحثا عن الكرامة والعزة والسيادة والارادة , ويكاد ان يصاب بخيبة امل .
ذهبت تلك الاعوام غير مأسوف عليها , فلتذهب بكل ماسيها و واجاعها , وخيبتنا معها , وليكن العام القادم عام الامل والتطلعات والتغيير , بعد استخلاص دروس وعبر ما فات , ولاستفادة القصوى منها فيما هو قادم وأت .
ما فات , هل اخطاءنا في سياسة التغيير , والحرب ومخاطرها وتداعياتها , وضياع سنوات عجاف من حياتنا , والعودة قرون للخلف , هل استوعبنا يا قوم ما جرى ويجري للامة والوطن , هل استوعبنا قذارة الحرب واستهدافها للامة , وتغييب للعقول والافكار, باستهداف الانسان , قيمه ومبادئه واخلاقياته , وما تحقنه من كره وحقد وانتقام , وتعيد تفعيل العصبية فيه , لتنعيش اسوء مكنوناته من مناطقية او طائفية , لتوهمه انه الاحق والاصلح بالحكم , وعلى الاخرين طاعته .
واكثر حقارة هو استثمار المظالم والقهر , بفن البحث في قمامات الماضي , والاختيار من اطباقه وجبات تغذي الكراهية وتدفع للعنف الانتقام والروح السلبية المدمرة , لتجعل من الافراد والجماعات معاول هدم , يقعون في مصائد التغرير والتحشيد والحماس المنفلت وشحنهم بمبررات التدمير , لنزع عدالة قضيتهم , واذا بهم معاول هدم لفكرة الدولة التي يتطلعون لها , هدم لأحلامهم وامالهم , دولة ضامنة للمواطنة والتعايش تنصف الجميع دون استثناء .
فاذا بمعركة تستهدف الدولة , وترسخ انفلات وفراغ مؤسسي وقيمي واخلاقي , فراغا امتلئ بالقاذورات , وبرزت تشكيلات طائفية مناطقية مشحونة بالأحقاد والضغائن والعصبية ,لا تستطيع التعايش مع نظم منضبطة وقوانين ضابطة .
انفلات اتاح مجال للارتهان والتبعية لغير الوطن والوطنية , فحضر شياطين الخارج واختار ادواته بعناية الشيطنة , واحدث شروخا تسلل منها عفن , افسد الحياة , واستهدف جمالها واخيارها , , كل المناضلين الصادقين في نضالهم , والقابضين على قيمهم ومبادئهم ومن صعب تخليهم عن اخلاقياتهم ويمانهم بعدالة القضية التي يحملونها وسيادة الوطن , وتستبدلهم بمجموعة من المنافقين واللصوص والفاسدين والعنصرين , وكل ما يمكن ادارته بطعم ومطامع شخصية , فيحدث ما يحث اليوم من بسط ونهب وقتل واتهام وتخوين خارج اطار النظام والقوانين الوضعية والسماوية .
بل انفلات يستهدف الجنوب كقضية , تطلع الناس لكيان جامع وشتت اوصالهم , تطلعوا لرأب الصدع وتصدعوا , وتطلعوا لمزيد من حسن النوايا كجسور ثقة , وتوسعت الهوة بينهما , بل ترسخت العصبيات والتناحر , وصراع المصالح والتسلط والتملك والفساد الروحي والمادي , فلا غرابة لما يحدث في عدن , ولا استغراب لعدم تجاوب , لصراخ واحتجاجات الناس وغضبهم , اصيبت الناس بخيبة امل , وهي تتسول الرواتب والخدمات , والكل عاجز عن تقديمها , لا دولة ولا بديل لشبه دولة , عجز مخزي في ضبط واستخلاص ايرادات الدولة , وتفعيل مؤسساتها الضابطة والعادلة , والمراقبة والمحاسبة , عجز في ادارة البلد وفق استحقاقات الدولة المعنية بالرواتب والخدمات , المعنية بالأمان والامان , المعنية بالنظام والقانون , المعنية بالعدالة والانصاف , المعنية بالسيادة والارادة .
لم يجد الناس غير تكريس للخيبات , وخصوما للدولة , وحماة للمصالح , لم نجد غير اعاقات ومعيقين للتغيير والتحول المنشود ,لنظام ديمقراطي ودولة ضامنه للمواطنة , دولة محترمة ذات سيادة وارادة , الفكرة التي تسبب الصداع للجوار والاقليم الغير ديمقراطي , فأوجد ادواته الضاغطة لمنع هذا التحول .
الناس اليوم تلعن كل الشعارات التي رفعتها بالمسيرات , كما لعنت الوحدة بسبب منظومة حكم فاسدة , تلعن الانفصال بسبب العقليات التي سببت خيبات الامل , وقدمت فكرة الانفصال بصورة مشوهة تتعارض وتطلعاتهم وامالهم وقيمهم ومبادئهم العادلة .
الناس في ضغط لامثيل له , رواتب غير منتظمة , خدمات تنهك وتنهار , انفلات امني والسلم الاجتماعي مفقود , العدالة والانصاف معدومة , شرعية هزيلة وكيانات سياسية اكثر هزلا , وتحالف طامع يحاول كسر ارادة الناس وسلبهم كرامتهم وسيادتهم على بلدهم , سيدفعهم هذا الضغط لبروز كتله وطنية تقاوم وتتصدى لكل هذا العبث لتحمي وطن ومستقبل امة وشعب احتمل الكثير والكثير ولم يعد قادر على الاحتمال , بل سيكون مقاوما وبشراسه لا تلين لتغيير حقيقي وعام 2020م الامل في ذلك.