الجنوب تأخر الحلول يفاقم المشكلات..الهبة نموذجاً

كانت الجهات التي أعطت الأوامر لاغتيال المقدم سعد بن حبريش شيخ قبيلة الحموم بحضرموت تعتقد أن الأمور ستمر مرور الكرام كما حدث في حوادث اغتيال مشابهة في الجنوب استطاعت السلطات من خلال طمس هوية الفاعلين والتهديد والترغيب فرملت ردود الأفعال التي كان يمكن أن تنتج عنها لكن اغتيال حبريش كان مقدمة وسبب لانطلاق هبة شعبية جنوبية ما تزال مستمرة وسقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى من المواطنين والجنود الأمر الذي يكشف مدى الغباء والاستهانة التي تتعامل بها السلطات والأجهزة الأمنية التابعة لها في منطقة مشتعلة أصلاً وتعيش منذ سبع سنوات حراكا سلميا متناميا كان الجميع ينتظر صدور قرارات شجاعة بتنفيذ النقاط العشرين على الأقل لا صب مزيدا من الزيت على نار مشتعلة.

-لقد تعاملت الحكومات المتعاقبة مع المطالب الحقوقية في الجنوب بنوع من النكران والإنكار رغم أنها ليست بحاجة لتوضيح أو إثبات حتى غدت المطالب الحقوقية في أول الأمر سياسية في نهاية المطاف،ومن المطالبة بإصلاح مسار الوحدة وتحقيق الشراكة الوطنية إلى المطالبة باستقلال الجنوب عن اليمن الواحد، ومع ذلك ما تزال المطالب الحقوقية التي خرج من أجلها الناس في بادئ الأمر من دون حلول حتى الآن على الرغم من مرور سبع سنوات على الحراك السلمي حتى جاء اغتيال حبريش ليضيف بعدا آخر وهو إسقاط مناطق ومحافظات الجنوب والسيطرة عليها والبدء بإدارتها من قبل القبائل وأنصار الهبة الشعبية وهي الفرصة التي كان ينتظرها الحراك بفارغ الصبر ليمضي في تحقيق مشروع فك الارتباط أو الانفصال الذي ظل ينادي به أو جر البلاد إلى الفوضى التي لن يسلم منها احد.

-لماذا اغتيل المقدم سعد بن حبريش؟ وهل حمل السلاح سبب كافي لاغتيال شيخ قبيلة مهم ويحظى بشعبية كبيرة ويتزعم قبيلة تقع في نطاقها معظم شركات النفط التي تزود اليمن بالطاقة والمال؟وهل كان منفذو الاغتيال ومن أصدر الأوامر على إحاطة كاملة بالحال الذي تعيشه حضرموت والجنوب؟ولماذا رفضت الجهات الأمنية تقديم القتلة للمحاكمة كما طلب حلف القبائل أو تنفيذ النقاط التي تضمنها بيان اجتماع وادي نحب؟ أسئلة مؤلمة اعرف أننا لن نحصل من خلالها على إجابات مقنعة وموضوعية، وأستطيع القول أن الإجابة كانت في صورة الهبة الشعبية وهي إجابة لم نكن نريدها إطلاقاً لكنها حدثت بفعل التهاون والاستهانة بدماء الناس وعدم تقدير الأحداث وتجاهل ما يجري في الجنوب منذ سبع سنوات.

-هكذا حينما تتأخر الحلول تتفاقم المشكلات وتتسع حتى تغدو صعبة الحل فيما بعد، أو يصبح الحل مكلفا وباهظاً لا يمكن التنبؤ بنتائجه،إذ لا يمكننا الآن التنبؤ بمالات الهبة الشعبية التي تدخل يومها السادس وما تزال مستمرة وكل يوم يسقط قتلى وجرحى فيما القوى السياسية بصنعاء مشغولة بالتسويات السياسية ومخرجات الحوار.

-الأوضاع مقلقة جدا،ولا توجد مؤشرات لحلول سريعة ومجدية وكل ما يطرح الآن مجرد كلام لا تأثير له على أرض الواقع ما يعني أن حالة التأزيم هي المسيطرة على المشهد والله يعلم إلى أين سيقودنا تجاهل السلطة وتسارع أحداث الهبة الشعبية؟

مقالات الكاتب