كتابات وتقارير مسرطنة !

في البدء كانت الكلمة، هكذا يقولون، فالكلمة حجة، و الكلمة بيان، و الكلمة موقف؛ لذا قالوا: تكلم أعرفك ، و قال آخرون : المرء مخبوء تحت لسانه.

   و قبل كل ذلك فقد بين القرآن الكريم دور الكلمة و قدرها( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها).

   و الكلمة – اليوم – منطوقة أو مكتوبة؛ يبتذلها كثير من الناس، و هم حين يبتذلونها إنما يبتذلون أنفسهم، و السقوط بالكلمة سقوط لصاحبها، و المرء حيث يضع نفسه، و الكلمة المسرطنة كلمة خبيثة، تنبعث من مصدر مسرطن خبيث( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ).

     و الكلمة – عند البعض – بدلا من أن تكون وسيلة تواصل متميزة، و جسر علاقات متين، و أداة بناء خلاقة في المجتمعات، أصبحت بسبب البعض؛ ممن يمتهن شرفها، و يسرطن حروفها، تغدو وسيلة تمزيق، و سلاح تفكيك، و أقرب طريق لضرب الروابط و الأواصر الاجتماعية، و غدت مفردات البذاءة، و ألفاظ البذاذة، تهدم حصون المجتمعات، و تأتي على قواعد الصلات و العلاقات البينية فيما بين الافراد، و كذا بين مكونات المجتمع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية.. و غيرها.

   حين تغيب الكلمة المسؤولة، أو يخفت دورها، و تنتشر الكلمات المريضة و المسمومة، و يتمادى أثرها الخبيث ؛ فإنها تصبح و تمسي أداة هدم لا بناء، و وسيلة ضرّ لا نفع .

   حين تتحول الأقلام لكي تؤدي دور الدفوف التي يُضرب بها بين يدي الطغيان، و يتحول من يحمل القلم إلى( دوشان)، و تتقزم الكتابة لتغدو مجرد تقارير من مخبر رخيص أو مخبرين ؛ فاعلم حينئذ أن الكلمة قد صارت في سوق النخاسة، تباع و تشترى، و أن حروفها، و عباراتها قد أصبحت مسرطنة مادام مصدرها سوق النخاسة التي انتشرت مطابخها السامة التي باتت تنشر الأمراض و الأوبئة.

   أن تجنّد الكهنوتية الحوثية طابورا ممن يقتتاتون بنشر الدجل و الزيف ،  و الأكاذيب؛ فذلك نهجهم و عادتهم عبر تاريخهم الهمجي ، أما أن تتجند لخدمتهم، و خدمة مشروعهم الظلامي البائس – و بطرق مباشرة و غير مباشرة – أقلام، و كتابات صحفية، و تقارير بأسلوب المخبرين و بعض قنوات فضائية؛ ليطعن كل هؤلاء  في أطراف المشروع الوطني و أنصاره الذين هدفهم إسقاط الانقلاب و استعادة الدولة،  فتلك لعمر الله هي الخيبة و الخسران لهذه النوعية البائسة ممن يمتهنون الكلمات، و يسممون الأجواء لقاء فتات أو دريهمات ؛ فإنهم فوق خيبتهم هذه  يقدمون خدمة للمشروع الإيراني.

    أما بالنسبة للإصلاح كحزب مدني له حضوره في الوطن، مثله مثل غيره من الأحزاب التي انحازت للشعب و الوطن، فإن من يشكك في دور الإصلاح و مواقفه الوطنية؛ فمَثَله كمن يشكك بالشمس فى رابعة النهار ، و لو لم تكن للإصلاح  مواقف عملية ظاهرة و أدوار فاعلة؛ لما احتاج أصلا إلى أن يتم تجنيد طابور و قنوات من المشككين لتشويه مواقفه، و نكران أدواره، فالضعيف لا يحتاج إلى من يشكك به أو بقدراته، و إنما يحتاج المناكفون، و المتربصون للتشكيك بمن له حضور فاعل.

   تشفق هذه السطور أن يكون هناك سوق للنخاسة تمتهن البعض و تسخرهم لبث السموم، و ترثي لأولئك المتهَوّعين في بعض القنوات الفضائية ممن يستجلب لا لشيئ إلا ليقدح في الإصلاح:

   أفي كل يوم تحت ضبني شويعر    ضعيف يقاويني قصير يطاول

  و ما التيه طبعي فيهمُ غير أنني    بغيض  إليّ  الجاهل  المتعاقل

شاركها
 

مقالات الكاتب