العجز المطلق

عجزت الكلمات عن وصف مشاعر الأسى والحزن والإستياء تجاه الحادث الإجرامي الآثم، الذي استهدف امين عام نقابة الأطباء والصيادلة في محافظة عدن بتفجير سيارته صبيحة الثلاثاء المكلوم الموافق 31 يوليو 2017م  (المتزامن مع موعد تشغيل شبكة عدن نت 4 G- المؤجلة)، حيث تعرض الدكتور عارف الشامخ بإبائه والمتفاني بخدمة المجتمع والمتسامي بولائه لوطنه وشعبه - تعرض لجراح ومعاناةٍ أليمة، وتعرض إبنه أحمد ذي العشرين ربيعاً إلى إصابات بالغة نتج عنها بتر رجله اليمنى واصابع يده اليسرى وشظايا متناثرة تعكس حقد ودناءة المجرمين.

لم تكن هذه الجريمة هي الأولى، وقد لا تكون الأخيرة في وطن عجز القائمون عليه عن تقديم الحد الأدنى من مقومات وجود الدولة او إستعادة الأفق المممكن لمعالم المدنية ومظاهر الحداثة والمعاصرة، بل صارت عدن في ظل سطوة العسكرتاريا وتعدد المليشيات المتعممة أحذيتها مرتعاً موبوءًا بمختلف مؤثرات الإنحطاط وشتى أنماط الإنهيار والتمزق، وأضحت حاضرة الجنوب وثغر اليمن الباسم وجوهرة الشرق عدن أشبه بحلبة سيرك يتنطط في جنباتها حثالات الإرهاب وسماسرة القتل وأساطين الفساد وبهلوانات الساسة وجحافل المتنفذين على مقدرات العيش في الوطن المتخم بالمعاناة وبالشعارات واليافطات الزائفة.

أثبت المجرمون مجدداً عجزهم عن تنفيذ مآربهم وجنوحهم الأحمق لجر البلاد إلى عصور الظلام الغابرة، واثبتوا عجزهم عن محاكاة أقرانهم في تقمُّص الشجاعة وإعلان المسئولية عن سلوكهم الغادر والجبان.

أما الحاضر/ الغائب المسمىٰ أمن عدن فقد اقتصر دوره على مبادرة يتيمة تمثلت في إسعاف الدكتور وإبنه إلى مستشفى باصهيب، ولم تتجرأ تشكيلات وتكوينات الأمن -حتى لحظة كتابة السطور- عن الإقتراب من عش دبابير الإجرام ومباشرة التحقيق والتكنيك الجنائي وفحص الأدلة والقرائن وتحديد الطرق الكفيلة بالوصول الى مكامن القتلة والإرهابيين وتقديمهم إلى ساحة العدالة.

الدكتور عارف وإبنه احمد واسرته الكريمة لهم أصدق المواساة وأخلص الدعاء بعاجل الشفاء، وأن يثيبهم الله خير الجزاء في مصابهم الجلل ويجزيهم خير الجزاء في الدنيا والآخرة. ولرئيس الجمهورية جزيل الإمتنان على موقفه النبيل بالتواصل مع الدكتور عارف ومواساته ومؤازرته في هذه الفاجعة المؤسفة.

ولابد ن القول بالفم المليان أن الجرح سيظل غائراً والوطن سيبقى دامياً مالم تصدق العزيمة  لدى قيادة البلاد والحكومة لإتخاذ التدابير اللازمة نحو شل أذرع الإرهاب ومحاسبة المقصرين عن مواجهته، والعمل الجاد على اقتران القول بالفعل تجاه متطلبات الحياة وبصدارتها الأمن والأمان، وتجاوز العجز المطلق في مؤسسات الدولة ونموذجها البائس عدن.

مقالات الكاتب