الحرب والاعاقة الوجدانية!!

مما لاشك فيه أن هذا المجتمع لم يرتقي بعد من حالته الطبيعية إلى الحالة الإنسانية، حيث يتسم في الحالة الطبيعية بأنه مجتمع أفراده في حالة حرب الجميع ضد الجميع، بينما المجتمع في الحالة الإنسانية مجتمع يتسم بأفراده الذين يديرون حياتهم بوصفهم شركاء ويحلون خلافاتهم بالحوار ويحتكمون إلى عقد اجتماعي "دستور" جامع يحدد العلاقة بينهم يحدد حقوق وواجبات كل عضو في المجتمع.
حيث تطفح مواقع التواصل الاجتماعي وفي غير مكان في المجتمع حالة تشفي وتمنيات هستيرية حول الحرب الدائرة في عمران يظهر الحالة المرضية لأفراد هذا المجتمع، كما يظهر مستوى الإعاقة النفسية والوجدانية التي لحقت بأفراده.
إن المجتمع البشري في مسيرته انتقل فيه الإنسان من الحالة الطبيعية إلى الحالة الإنسانية ـ حسب الفيلسوف توماس هوبز _، في الأولى كان فيها في طور التوحش " الإنسان ذئب لأخيه الإنسان" كما يسود فيها حرب الجميع ضد الجميع وبلا ضابط أو رادع، إلى أن ينتقل إلى الحالة الإنسانية وفيها يبدأ بالاتفاق مع أترابه من البشر على عقد اجتماعي ينظم علاقة بعضهم ببعض، أي الاتفاق على دستور يحكمهم ، وعليه أهتدى الإنسان لفكرة الدولة.
لقد حاول هوبز هنا أن يفسر حركة تطور الاجتماع البشري ، أي أراد القول أن مسيرة تطور الإنسان انتقال من طور التوحش وسمته الحرب إلى الطور الإنساني وسمته الجنوح للسلم..
التشفي والتلذذ بالحرب حالة غير طبيعية بالمرة يتساوى فيها مجتمع الفرجة السعيد مع مجتمع الفعل "المجتمع الذي تدور رحى الحرب فيه"، كلا الفعلين قبيحين ولا إنسانيين بالمرة.. هذا المجتمع بحاجة إلى مصح عقلي كبير يداوي وجدان أفراده من هذه الإعاقات التي لا تليق بهم في هذا الزمن..!!!
حرية المعتقدات والتفكير يحتاج إلى دولة مدنية عمادها العلمانية كوسيلة تضمن الحقوق المتساوية لكل الناس وتقف على مسافة متساوية من المعتقدات والأفكار والأديان والمذاهب، دولة مواطنة عمادها الحقوق لا دولة رعية.. بغير دولة كهذه سنبقى في حالة التوحش الحالة الطبيعية, حالة حرب الجميع ضد الجميع والإنسان ذئب لأخيه الإنسان , حتى يقيض لهذه الأرض الرشاد والعقل..!!

مقالات الكاتب