انهيار الأحلام

لا اعرف انتمائي المذهبي ولا أريد اعرف , ما اعرفه جيدا أنني اطمح للدولة الضامنة للمواطنة , هتافات الثورة ,اطمح بالتغير نحو الحرية والعدالة والمساواة ,لم اعد أطيق الماضي وذكرياته الأليمة , الفكر الأوحد المستبد والديكتاتور الحكم الشمولي , أغضب ممن يبني على ماسي ماضيه مواقف واختيارات , أحقاد وثارات ,يؤسس لصراعات , الماضي دروس وعبر أليمة لا أتمنى أن تعود بأي شكل من الأشكال , عِبر شكلت لدي قناعات , أن الوطن يستوعب الجميع , ولن ينهض الوطن بغير الجميع , أذا نحن بحاجة لدولة ضامنة للمواطنة والحريات والأفكار والرؤى والتوجهات , وطن قابل للتعايش والتنوع الفكري والثقافي والعرقي والعقائدي .

 

تفاءلت خير بمخرجات الحوار التي لبت ولو جزء من هذه الطموحات والآمال كصيغة دستورية وقوانين ورؤى والضمانات ,حينها دارت عجلة التغيير , أزعج القوى التقليدية والنفوذ وقوى الفساد الذي ثرنا عليها ,ولا ينزعج من العدالة الانتقالية غير مجرم ولص وسفاح  , فتحالفوا للانقضاض على هذا المشروع , وكانت الحرب .

 

لم نستسلم قاومنا وقاتلنا في خندق واحد , وكلما حققنا نصر كلما صدمني الواقع , وبدأت اشعر أن أحلامي وطموحاتي تبتعد قليلا وقليلا وتتجه نحو الانهيار , مع بروز مشاريع أخرى اصغر أفق ورؤية  , مشاريع وصاية , للقضايا الوطنية والقضايا الدينية , من منظور متعصب متشدد , فاشتد الغلو , وبدء الظلم والتعسف , فانهالت الفتاوى بالتجريم والتكفير والقتل والانتهاك .

 

صار الحزب السياسي  جريمة , واستبدلت التكتلات السياسية كأفكار ورؤى ومشاريع  بتكتلات أخرى مناطقية ومذهبية , وصار المسجد محتكرا كمنبر ويصدر أحكاما وفتاوى , وبرز النفوذ المذهبي والمناطقي , وتوزعت البلد لمربعات مليشاويه مناطقية مذهبية  , وخفت الروح الوطنية , وابتعدت أحلامنا وطموحاتنا , وعدنا للماضي وعاد الصراع , واذا بنا اليوم في واقع مشحون وأكثر احتقان , فيه القتل متاح , والاتهام والتكفير دون رادع  قيمي و أخلاقي و قانوني , في وضع كهذا صار الحلم والطموح جرما , والأفكار والرؤى مصدر اتهام .

 

انه سيناريو أمراء الحرب , وأجندات ما وراء الحدود , لا علاقة لها بالإسناد والدعم وعاصفة الحزم ,والضحية المواطن والمناطق المحررة وعلى رأسها عدن  لمدنيتها لرقيها لمفكريها ومثقفيها لأخيارها وللأقليات فيها , لموقعها الاستراتيجي وميناؤها العالمي لوضعها كمركز تجاري حر ,لكل من يريد أن يستعيد عدن كأيقونة للحياة الكريمة العزيزة المتسامحة القابلة للأخر , كل هذا يشكل تهديد للسلم الاجتماعي والتنوع الثقافي والعقائدي والطائفي وسلام المنطقة , ويؤسس لصراع قائم على أسس خبيثة قد تمس حياة الناس وتنوعهم وتعايشهم وحبهم وتسامحهم , ويعود المستبد بصورة أقبح مما كان علية  ,اللهم جنبنا شرهم وشرورهم وأحفظ هذا البلد وأهله وناسه يأرب العالمين

 

نقلاً عن يمن مونيتور

مقالات الكاتب