قتل وحصار وترويع وتهجير.. الصهاينة والحوثيون واحدية العنصرية والإجرام! (تقرير)

المدنية أونلاين/عارف الشمساني:

يتفق الجميع على تساوي جرائم كيان الاحتلال الصهيوني في فلسطين ومليشيا الحوثي الإيرانية في اليمن فكلا الكيانين يرى في نفسه العرق الأنقى والأفضل وصاحب الحق الأوحد في الأرض والعيش الكريم ، فنجد الاحتلال الصهيوني يرى انه شعب الله المختار وأن فلسطين أرضه والمقدسات مقدساته وعلى الفلسطينيين البحث لهم عن وطن بديل ، من جانبها ترى المليشيا الحوثية ان لها الحق الالهي والاصطفاء دون غيرها في حكم اليمن والاستحواذ على الثروة والمؤسسات وعلى من يختلف معها أو ينتقد ممارساتها الموت أو الرحيل من وطنه.

الحرب الصهيونية الهمجية والوحشية على أطفال ونساء وشيوخ فلسطين وذلك القتل والتدمير الرهيب والحصار الذي فرضته اسرائيل على غزة منذ 15 عاما هو الفعل نفسه الذي ارتكبته – ومازالت – مليشيا الحوثي الايرانية منذ اكثر من 9 سنوات، تتساوى جرائمها كليا مع الحصار والقتل والتدمير والتهجير الذي يتعرض له شعب فلسطين، بل يرى الكثير أن المليشيا الحوثية مقارنة بفارق الزمن قد فاقت بجرائمها العدو الصهيوني. بعدد اليمنيين الذين قتلتهم وشردتهم ودمرت منازلهم وجوعت اطفالهم إذا ما اخذنا في الاعتبار فارق القدرة والتسليح بين الجانبين. 

قتل المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ بشكل عشوائي ودموي ووحشي، وحصار المدن لسنوات، وتدمير البنية التحتية، ومصادرة الأراضي، وهدم البيوت وتفجيرها، كل تلك الجرائم يمارسها الصهاينة ومليشيات الحوثي على حد سواء وبفوارق بسيطة بحسب المكان والزمان.، فعلى سبيل المثال يفرض الكيان الصهيوني الغاصب على قطاع غزة المحتلة حصارا خانقا منذ سبتمبر 2007، ويمنع عنها كل مقومات الحياة وأساسياتها.

ويعيش اكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة أوضاعا معيشية مأساوية، بسبب حصار الاحتلال، حيث لا يسمح لهم بالسفر أو العلاج أو العمل، أو ادخال مواد غذائية والدواء، ومواد البناء وكثير من المستلزمات الأساسية، وغيرها من مستلزمات الحياة، وفوق كل ذلك الحصار الجائر يشن الاحتلال الصهيوني بين فترة وأخرى حربا ضروسا بكل آلياته وأسلحته المحرمة دوليا، ضد سكان القطاع ويقتل الآلاف ويدمر المنازل، ويرتكب بحقهم أبشع الجرائم والانتهاكات دون أدنى رادع أو ضمير انساني يندد بتلك الجرائم.

حصار خانق

المليشيا الحوثية الايرانية تنهج من جانبها نفس نهج الاحتلال الصهيوني في الجرائم، ومنها الحصار، حيث حاصرت مليشيا الحوثي مدنا وقرى يمنية منذ انقلابها 2014م وقصفها وحصارها ابتداء قبل انقلابها في دماج وعمران وبعده في البيضاء وتعز وحجور وغيرها من المدن والمناطق التي مرت عليها هذه المليشيا وقتلت وسحلت وسجنت سكانها وحولت مساجدها ومدارسها وأبنيتها الى ركام.

بيدا ان الحصار الذي يعتبر الأطول في تاريخ البشرية الحديث، حصار مدينة تعز، كما هو الحال في غزة، حيث فرضت مليشيا الحوثي الارهابية حصارا خانقا على مدينة تعز عقب فشلها في اجتياحها في ابريل 2015.

ويعيش أكثر من 3 ملايين من المدنيين في تعز وضعا إنسانيا صعبا، ولم تكتف بذلك بل أثخنت فيهم قتلا وتهجيرا ، فقد كان لمليشيا الحوثي السبق قبل الصهاينة في منع الماء والطعام والدواء عن سكان تعز، وها هي والى اليوم آلة الموت الحوثية تتربص بأطفال ونساء تعز، فما يزال الحزن وألم الفراق يسكنها فكل يوم تشيع المدينة أطفالها، ونساءها، قتلى وجرحى من القنص والقصف والمسيرات.

القتل تحت التعذيب

وفيما يخص بجرائم القتل تحت التعذيب فقد فاقت مليشيا الحوثي الارهابية الاحتلال الصهيوني الارهابي ، في عدد القتلى تحت التعذيب، حيث قتلت من اليمنيين تحت التعذيب بين عامي 2018 و2022م نحو 153 مختطف بينهم أطفال قصر، بحسب رابطة أمهات المختطفين، بينما تتحدث منظمات حقوقية أخرى عن تجاوز العدد 200 مختطف منذ 2004م

وقبل أيام أعلنت حركة “حماس” عن مقتل أحد قيادي الحركة، عمر الدراغمة، تحت التعذيب بعد أيام من اعتقاله في الضفة الغربية.

في ذات الأسبوع تقريبا، ارتكبت مليشيا الحوثي الارهابية جريمة قتل هشام الحكيمي – موظف لدى منظمة اممية ” انقاذ الطفولة” – في سجون مليشيا الحوثي في العاصمة صنعاء بعد أيام من اختطافه، حتى ان تلك المنظمة، التي نعت موظفها دون الإشارة إلى مكان وسبب وفاته، ثم تراجعت بعد ادانة الحكومة للمنظمة وتعاملها مع الحادثة.

التهجير القسري

إن المتتبع لمجريات الأحداث سيرى تشابها كبيرا بين جرائم وأساليب الاحتلال الصهيوني ومليشيا الحوثي الارهابية بشكل عام ومنها جرائم التهجير القسري للسكان.

فمئات الآلاف من اليمنيين نزحوا قسرا داخليا أو تم تشريدهم إلى مدن وعواصم عربية وعالمية، بعد ان نكلت بهم المليشيا من بيوتهم وقراهم.

وخلال الـ9 سنوات من حربها على اليمنيين لم تتوقف من نهب منازل وممتلكات خصومها في صنعاء ومحافظات أخرى، كما عمدت على التغيير الديمغرافي في عدد من المحافظات في مقدمتها صنعاء والحديدة، بحسب مصادر رسمية وحقوقية، وهي ذات الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في حق ابناء فلسطين وسعيه إلى مصادرة الأراضي والممتلكات لإحداث تغيير ديموغرافي لصالحه.

تفجير دور العبادة

دور العبادة هي الأخرى سمة تجمع بين الكيان الصهيوني ومليشيا الحوثي، فلم تسلم المساجد والكنائس في قطاع غزة من القصف والدمار والتدمير الممنهج، وهو السلوك نفسه والأبشع الذي تمارسه مليشيا الحوثي في بلادنا، فمنذ اللحظة الأولى باتت المساجد وأئمتها هدفًا لمليشيا الحوثي الإرهابية وسارت في ذلك في خطين متوازيين أحدهما التفجير والتدمير والحرق والتشويه وتحديدا المساجد التي تمثل مراكز إشعاع تنويري والآخر اتخاذها وسيلة لتأصيل فكرها “الطائفي”، وتسويق مشروعها القائم على العنف، وتحويلها إلى وكر لبث ثقافة الكراهية والعداء للهوية اليمنية والعربية بشكل عام، وحسب بعض التقارير فقد بلغت جرائم وانتهاكات المليشيا التي طالت المساجد ما يقارب 4 آلاف مسجد في مختلف المحافظات، بالإضافة إلى قتل وخطف أئمة وخطباء ، وتفجير مساجد وقصف واغلاق، وتحويلها الى ثكنات عسكرية أو صالات لعناصرها يمارسون فيها الرقص والطرب.

كما هو حال الاحتلال الصهيوني في قصف وتدمير رهيب يطال المئات من منازل أبناء غزة على رؤوس ساكنيها، لنجد ايضا المليشيا الحوثية لها نفس الجرم، فمنذ 2014م، فجرت مليشيا الحوثي أكثر من 1000 منزل في عدد من المحافظات اليمنية، واستهدفت الكثير بصواريخها ومسيراتها خاصة في تعز ومأرب.

الصحفيون الهدف الأبرز

اقلام الصحفيين، وعدسات كاميراتهم خصم آخر لمليشيا الحوثي، كما هو خصم للاحتلال الصهيوني حيث استهدف الاحتلال خلال حربه الحالية على غزة ما يزيد عن 35 صحفيا وترويع وتخويف صحفيين آخرين بقتل عائلاتهم كما حدث لمراسل الجزيرة وائل الدحدوح الذي استشهدت زوجته ونجليه إثراستهداف المحتل لمنزلهما.

المليشيا الحوثية الارهابية هي الأخرى اختطفت وشردت واعتقلت مئات الصحفيين وروعت عائلاتهم واقربائهم لمحاولة اسكات صوت الحقيقة وكشف جرائمها في حق اليمنيين.

صنعاء والقدس

لا يختلف الوضع في القدس عاصمة فلسطين وكذلك في الضفة الغربية عن القطاع في الجرائم والانتهاكات، رغم أنه لا وجود عسكري لحركة حماس، ولا أنفاق، ولا صواريخ نحو المستوطنات، ومع ذلك لا يمر يوم من دون عملية اقتحام ومداهمة وقتل للمدنيين الفلسطينيين.

الوضع نفسه في صنعاء والمحافظات غير المحررة من سيطرة مليشيا الحوثي، فالقتل والاختطافات، والمداهمات، ومصادرة الأراضي والممتلكات، والتنكيل بالسكان والتجار والمزارعين، انتهاكات شبه يومية تمارس ضد السكان ..الجرائم والانتهاكات نفسها والعدو نفسه مع اختلاف المسمى.

 التعليم.. هدف مشترك

استهداف المدارس وتحويلها الى ثكنات عسكرية وإيقاف العملية التعليمية، واستخدام الاتصالات لأهداف التجسس والحرب النفسية على الخصوم، والترويج لأفكارهما الطائفية، وللثراء، وقطع الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية عن المستشفيات، وقطع المياه و الكهرباء عن الخصوم، واستخدام الأسلحة المحرمة، وزرع الألغام والاستحواذ على الأنشطة التجارية والاستثمارية، كل تلك الممارسات مشتركة تجمع بين المليشيا الحوثية والاحتلال الصهيوني، وتؤكد ان مشروعهما لا ينفكان عن بعضهما في الآلية والأهداف، حيث يلتقيان عند عدائهما للأمة العربية والإسلامية.

انحياز غربي

إن التطابق بين الاحتلال الصهيوني ومليشيا الحوثي الايرانية لا يتوقف عند سلوكهما الإجرامي في حصار المدن وقتل المدنيين، وهدم دور العبادة، والتغيير الديموغرافي للأرض والانسان، بل يتجاوز الى الصمت الدولي سواء للمنظمات أو الحكومات المتغنية بالديمقراطية وحقوق الانسان، إزاء ما يرتكبه من جرائم حرب ضد الإنسانية، وما حدث مؤخرا من تحرك قادة وحكومات غربية وانحيازهم بشكل واضح مع الاحتلال الصهيوني وضد أطفال غزة، وما يجري من إبادة جماعية للمدنيين يذكرنا بالتحركات الغربية، أمريكا وبريطانيا على وجه التحديد، ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة ومؤسساتها بدءا من إيقاف تحرير مدينة الحديدة منتصف 2018، من قبضة مليشيا الحوثية، بضغط غربي، كما كان – ولازال – الانحياز الغربي نفسه مع الجرائم المرتكبة في أطفال ونساء تعز، رغم أن الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة وبرعاية غربية “اتفاق ستوكهولم ديسمبر 2018” ينص على رفع الحصار عن تعز، لكن ذلك لم يحدث، وبرغم توقف تحرير الحديدة واستيلاء المليشيا على ميناء الحديدة ومواردها الضخمة، التي اشترط اتفاق ستوكهولم على ان تسخر تلك الموارد المالية لصرف المرتبات، إلا ان ذلك لم يحصل، وتحولت ميناء الحديدة الى داعم اساس تصب في خزينة المليشيا الحوثية لتزداد قتلا وتدميرا لليمنيين ، تحت دواعي الجانب الانساني، ناهيك عن فتح مطار صنعاء لذات المبرر. 

ورغم جرائمها اليومية واستهدافها للدول المجاورة وللملاحة الدولية ومنعها تصدير النفط بعد استهدافها لموانئ التصدير الواقعة في مناطق الحكومة، إلا ان كل ذلك لم يدفع المجتمع الدولي حتى لتجريم المليشيا بل قوبل بالصمت المخزي، كما يحدث اليوم في غزة ، وهو تأكيد آخر لتلاقي اهداف المشروعين التوسعيين الإيراني والصهيوني واستهدافهما للمنطقة العربية والاسلامية، بضوء اخضر من دول الغرب وبعيدا عن إرادة الشعوب الحرة ، والتي لاشك ستقاوم كلا المشروعين وستفرض وجودها رغما عن كل المشاريع التمزيقية الاستعمارية طال الزمن أو قصر.

* عن سبتمبرنت