قراءة في كتاب نساء عدن تنوير وتحرير (تأليف سعاد عقلان العلس)
إلى القارئ الكريم ونحن نتاع معا قرائتنا لهذا الكتاب يستوقفنا الفصل الثاني منه "بدء الحركات الوطنية في الظهور الميداني" هذا الفصل الذي خصصته الكاتبة للحديث عن الحركة الوطنية في ستينيات القرن المنصرم، والتوثيق للحركة النسوية التي اسهمت شكل كبير في حركة النضال الوطنية، ومنها على سبيل الذكر اضراب طالبات كلية البنات بخور مكسر في 2 فبراير 1962م.
كان إضراب الطالبات ناتج عن استشعار الممارسات العنصرية للادارة التابعة لسلطة الانجليز التي تميز بين الطالبات العدنيات والمستوطنات، مما يعيق على الطالبات فرص الالتحاق بالتعليم الجامعي، وعم الاضراب جميع المدارس الثانوية في عدن لتتسع دائرة الاضراب لاحقا وتتحول الى استنكار شعبي شارك فيه الاهالي، وقد كان لهذا الاضراب اثر في تحول السياسة التعليمة بشكل عام وتحولت حركة الاضراب الى مسيرات للطالبات والاهالي المتضامنين تجوب شوارع عدن الباسلة.
اضطر بعدها الحاكم البريطاني العام الى توجيه المجلس التنفيذي تشكيل لجنة حكومية واهلية مشتركة لبحث السياسة التعليمية في المدارس الثانوية للبنين والبنات، وقد اسهم هذا الحراك في تشكيل الوعي الوطني بين صفوف الطالبات وكان بداية لاتصال الطالبات بالمنظمات والاطر السياسية التي انضوت تحت الحركة الوطنية.
كان للرفض الشعبي والقوى الوطنية لمشروع اتحاد امارات الجنوب العربي عام 1959 وتصاعد موجة الرفض الشعبي ضدها، الذي وصل الى مواجهات مباشرة مع القوات البريطانية التي قامت بقمع المحتجين اثره في ان تثبت المراة العدنية مشاركتها في هذا الرفض وكسرها للاجراءات الامنية التي كانت تترصد المحتجين، واضطرت الانجليز الى القاء القنابل الحارقة عليهم بواسطة الطائرات اثناء محاولتهم الزحف الى المجلس التشريعي واعلان حالة الطوارئ واعتقال الوطنيين والوطنيات.
لم تقف امهات وزوجات المعتقلين والاهالي مكتوف الايدي ازاء حركة الاعتقال وفي 19 سبتمبر 1963م دعت رضية احسان رئيسة جمعية المراة العربية لتنظيم لقاء يبحث اعتصام لامهات المعتقلين وزوجاتهم، وتم الاعتصام بالفعل ف مسجد العسقلاني، وقد حظيت حركة الاعتصام باهتمام محلي وعالمي، واعلن الاعلام المصري وقوفه الى جانب حقوق النساء المعتصمات.
وتطور موقف النساء المعتصمات الى قيامهن باقتحام مقر البرلمان وقامت السلطات البريطانية بمحاولة منع ادخال الطعام والشراب الى النعتصمات في نقر البرلمان الذي صادف في شهر رمضان وتم التفاوض مع المعتصمات على اخلاء كافة المعتقلين في ليلة عيد الفطر المبارك وهنا يبرز لنا الدور النضالي للمراءة العدنية التي تمكنت من خلال هذه الاحداث اثبات تأثيرها الحركي على المشهد السياسي بشكل عام وشجعها للمواصة.
تطرق الفصل الثالث من الكتاب إلى "بدء تكوين الأحزاب السياسية"، وناقش مشاركة المرأة فيها، وارتفع صوت المرأة من خلالها للمطالبة باعطاء ابناء عدن حقهم في التعليم والعمل والاتخابات، وكان في تاسيس المؤتمر العام للنقابات اثره في تنامي تفاعل المراة بالقضايا الوطنية.
في حين سلط الفصل الرابع محتواه للحديث عن رائدات التنوير في عدن، كـ"نور حيدر سعيد، رائدة تعليم البنات، والسيدة رقية ناصر رئدة العمل الاجتماعي، والصحفية والاعلامية ماهية محمد عمر، وزينب دريرة خيري، وغيرهن من الاسماء العدنية التي كان لها تأثير على الحياة العامة في عدن.
في حين ناقش الفصل الخامس دور" القيادة النسائية الحركة الوطنية التحررية"، امثال رضية احسان مؤسسة جمعية المراة العدنية، وصافيناز خليفة، وناقشت الكاتبة اسهامهن في النشاط السياسي الممثل للمراة.
في حين تطرق الفصل السادس والأخير من الكتاب الى ابراز "مناضلات حرب التحرير"، امثال: زهرة هبة الله علي، وعايدة علي سعيد، ونجوى مكاوي، ونجاة با مدهف، وفطوم عبداللطيف، وثريا منقوش، وفوزية محمد جعفر الشاذلي، وانيسة الصايغ، وغيرهن من المنضلات التي كن حاضرات في الذاكرة الوطنية، الى جانب مناضلات الصف الثاني في الجبهة القومية، ومناضلات جبهة التحرير، ومناضلات لحج، وابين ومناضلات البيوت السلطانية (بيت الفضلي).
وتختم الكاتبة مؤلفها بملحق يوثق للادوار المنشورة عن نضال المرأ العدنية التي احتلت مكانة زاهية في الذاكرة الشعبية التي يوثقها هذا الكتاب ودمتم بخير.