قصة صورة.. "طَرِّشوا لنا أيوب طارش"

المدنية أونلاين/كتب/بلال الطيب:

يُحسب للفنان الكبير أيوب طارش بَراعة حفر أوجاع الغُربة والاغتراب في تُراثنا الفني، وتطبيب ذلك الجرح النازف بالكثير من الإبداع النبيل. كانت أغانيه وما تزال رفيقة حياة المُغتربين اليمنيين، تَربطهم بوطنهم الأم، وتزيدهم عشقًا وهيامًا به وبربوعه المُترعة بالخضرة والجمال.

وبما أنَّ دول الخليج العربي المُجاورة عاشت خلال العقود السبعة الماضية طفرة مادية كبيرة، بفعل الاكتشافات النفطية الهائلة في صحاريها القاحلة؛ فقد صارت محط رحال كثير من المُغتربين اليمنيين، الباحثين عن الرزق الحلال.

عاش أولئك الكادحين عصرهم الذهبي في تلك الدول خلال حقبة سبعينيات وثمانينيات القرن المُنصرم، عاشوا في تلك البيئة القاسية وكلهم شوق ولهفة لوطنهم الأخضر. وفي قطر حيث استقر بعضهم، تواردت طلبات عدد منهم - خلال تلك الفترة - لإذاعة تلك الدولة (إذاعة الدوحة) ببث أغانٍ للفنان أيوب طارش، فكان الاعتذار سيد الموقف؛ بذريعة أن الإذاعة لا تحتفظ بأغانٍ لذات الفنان في أرشيفها. 

وتمر الأيام، ويزور الفنان أيوب دولة قطر، فما كان من القائمين على إذاعة الدوحة إلا أنْ استضافوه، وسجلوا معه سهرة فنية مميزة، تجاوب من خلالها مع طلبات المُستمعين المُتلهفين لسماع صوته الشجي.

سجل أيوب في تلك السهرة عددًا من روائعه، كانت أغنية "رشو عطور الكاذية" أشهرها، وبذلك احتفظت إذاعة الدوحة بتلك الروائع في أرشيفها، ولم يعد لها عذر في عدم تلبية طلبات المُغتربين اليمنيين.

الطريف في الأمر أنَّ المُذيعة (مُقدمة تلك السهرة) خَاطبت المُغتربين اليمنيين بلكنتها الدارجة قائلة: "قلنا لكم: طَرِّشوا لنا أيوب طارش، واحنا نُطرش لكم أغانيه"، ومضمون قولها بلكنتنا الدارجة: "قلنا لكم: ارسلوا لنا أيوب طارش، واحنا نرسل لكم أغانية"!

**الصورة للفنان أيوب وهو يدندن بإحدى أغانيه في تلك السهرة الطارشية المُميزة