الشهيد اللواء الركن الذيباني.. عن الرحيل المُقدس لباكورة الرفض للمليشيا
على تخوم مديرية "الرُضمة" بمحافظة إب قرعت أجراس الفرح أبواب الأمل لمنزل "علي عبدالله صالح الذيباني" عندما رزق الأب بطفل أسماه "ناصر" في 1968م، وترعرع الطفل حينها في بيئة مفعمة بالحب والأمل.
ما إن بدت أرجله على حمله، حتى سافر إلى الكويت والتي درس فيها دراسته الأساسية لينتقل بعدها إلى إب من جديد لكن هذه المرة إلى مديرية –النادرة- والتي أكمل في مدراسها مرحلة الثانوية العامة ليبدأ حُلمه إرشاده إلى الجُندية.
أمسك القدر بيده ليجد نفسه أحد تلاميذ الكلية الحربية بجامعة صنعاء والتي تخرج منها بدرجة بكالوريوس في العام 1986م؛ فيما حصل بعدها على الماجستير في المجال العسكري ذاته من كلية القيادة والأركان بجمهورية السودان؛ وللرجل مشاركات عسكرية ودورات وشهادات حازها خلال سنوات رحله وترحاله.
من خلال تخرجه من الكلية الحربية في ثمانينيات القرن الماضي عمل في الشرطة العسكرية كقائد سرية ثم نائب القائد للشؤون الفنية ثم في مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة ثم انتقل للعمل في الاستخبارات العسكرية.
سبق وإن عُين رئيساً لأركان حرب اللواء 31 مدرع بعدن كما عُين قائد للواء 130، هذا وما إن تُستحضر حروب الدولة مع مليشيات الحوثي بجميع محطاتها يلوح اسم الذيباني كأبرز قادة الجيش، وكأحد قيادات الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية في الحروب الست في صعدة وحرف سفيان بمحافظة عمران ووصولًا إلى بني حشيش على مشارف العاصمة صنعاء.
شغل الذيباني بعد العام 2011م في دائرة الاستخبارات العسكرية، ما إن بدت مليشيات الحوثي بالزحف صوب صنعاء وإحكام السيطرة عليها انتقل إلى محافظة مأرب بمعية كوكبة من الضباط الأحرار الذين رفضوا التماشي مع الأمر الواقع.
ولى الجميع شطر مأرب حينها، هناك بدت مطارح الرفض في "نخلا والسحيل" وأقسمت القبائل اليمنية الأصيلة في مأرب كما هو الحال لليمنيين جميعهم على قتال المتمردين، كان العسكر هم الآخرون قد توافدوا أفرادًا وجماعات إلى مأرب وفتحت المدينة أذرعها لكل من أتاها، وفور إنشاء غرفة العمليات المشتركة التي تشكلت على عُجالة لترتيب وضع المقاومة وإدارة المواجهة مع المليشيات الانقلابية.
ونظرًا لخلفية الرجل العسكرية، عُين قائدًا لجبهة صرواح ومنها قائدًا للواء 133 ومدير دائرة العمليات الحربية ومنها قائداً للمنطقة العسكرية السابعة، ثم نائب رئيس هيئة العمليات الحربية وبعدها رئيسا للهيئة وقائماً بأعمال قائد المنطقة العسكرية الثالثة.
وعلى صليل المعارك، رُسمت الخطط العسكرية للدفاع عن مأرب ومنع سقوط صرواح وكوفل بيد المليشيات، ثم انتقلت المعركة إلى استراتيجية المواجهة وقد كانت شراراتها الأولى بمديرية حريب ثم الجدعان، حينها كان الذيباني نائب لقائد المعركة.
ويعد الرجل من القيادات العسكرية البارزة بوزارة الدفاع من خلال عمله رئيس هيئة العمليات الحربية والذي يحمل رتبة لواء ركن، وما إن همس أحدهم في أذنه "ما كان يجب عليك الوقوف في الخطوط الأمامية، كون قائد بقدرك نخشى عليه" إلا أنه قال "اليمن تعني لي الكثير.. وواجبي يحتم عليّ الحضور كقائد في الصفوف الأولى".
مرت سبع سنوات من السجل على إيقاع المواجهات الضارية التي تشهده اليمن فضلاً عن مأرب نفسها التي يقاتل فيها الجيش والقبائل جحافل التمرد؛ ما إن يستميت لغزاة من إحداث أي ثغرة تمكنهم من التقدم إلى مأرب إلا أنها أماني عادة ما تنكسر، ويقف الذيباني على ناصية المشهد حاله كجيش من مغاوير اليمن.
تتوكأ اليمن على بندقية الجمهورية كما هو الحال للرجل الذي يقاتل حاله كجندي في خطوط التماس ضد المليشيات في مأرب فالمعركة بحسب الرجل حتمية وتطهير اليمن من أدران الوهم واجب مُقدس، وإلى جانب خوضه جميع المعارك مع المليشيات كتبت النهاية موعدها وترجل الفارس يوم الأحد تاريخ 12 من الشهر الجاري في جبهة مأرب.
ما إن تردد أخبار استشهاده نعاه الجميع كما بكت لفراقه الجمهورية كما لو كان صخرًا على أشداق الخنساء، ذهب الرجل إلى الله كخاتمة محمودة كان يتمناها في سبيل الوطن الحبيب على غرار من سبقوه من أنبل من أنجبتهم اليمن.