مواجهات كريتر.. أضرار باهظة ومخاوف من تباطؤ التعويضات (تقرير)

المدنية أونلاين/خاص:

نحو 30 ساعة من المواجهات الدامية التي شهدتها مدينة كريتر بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن مطلع الشهر الجاري، كانت كفيلة بمضاعفة الاحتقان المجتمعي تجاه المجلس الانتقالي الجنوبي، نتيجة طريقة تعامل قواته العسكرية بهذا "الصلف" مع مجموعة مسلحة منشقة عنه، وسط أحياء منطقة "الطويلة" المكتظة بالسكان، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى من المدنيين وخسائر مادية كبيرة في ممتلكاتهم.

ويقول المواطن "حمدي"، وهو أحد سكان "الطويلة" بكريتر، إنه كان بالإمكان أن تتعامل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي العسكرية بطريقة أكثر احترافية تتحمل مسؤولية حماية الأبرياء والحفاظ على حياتهم وممتلكاتهم كجهة "مسؤولة"، بدلًا عن كل التحشيد العسكري بهذا القدر الكبير من الآليات العسكرية واقتحام الأحياء بطريقة عنيفة وإطلاق النار من مختلف أنواع الأسلحة نحو منطقة تحيط بها المباني من كل جانب، بشكل "انتقامي".

ويتساءل "حمدي" البالغ من العمر 47 عامًا، عن الهدف الذي تحقق للقوات العسكرية من عملية اجتياح "الطويلة" لملاحقة المسلحين الذين يتزعمهم المدعو إمام النوبي الذي كان قياديا أمنيا لدى قوات المجلس الانتقالي الجنوبي قبل الإطاحة به، في حين أنه تم الإعلان عن انتهاء الحملة الأمنية، بينما لا يزال إمام النوبي وعدد من مسلحيه طلقاء.

مشيرًا إلى أن حجم الأضرار في الأحياء السكنية المستهدفة والممتلكات الخاصة كبيرا، ناهيك عن الضحايا والمصابين من المدنيين، وحالة الرعب والهلع التي خلقتها هذه المواجهات لدى المواطنين وأطفالهم، وهو ما قد يخلق حنقًا واحتقانًا لدى المجتمع من سوء تصرف هذه القوات تجاه العشرات من المسلحين المتدرعين بالسكان.

ووصلت كلفة المواجهات العنيفة التي شهدتها كريتر، يومي السبت والأحد قبل الماضيين، إلى مقتل 6 أشخاص من الطرفين، و2 من المدنيين، وعشرات الجرحى بينهم مدنيون وأطفال، وفق مصادر متعددة.

في حين يقول مدير العمليات المشتركة في عدن العميد عبدربه محمد عمر، في تصريح لوسائل الإعلام، إن حصيلة المواجهات ضد من وصفهم بـ"العناصر الإرهابية المدعومين من جهات إقليمية" بلغت 6 قتلى من قوات الأمن والمدنيين، و61 جريحا.

وبشأن الأضرار المادية التي أحدثتها الاشتباكات في عدد من أحياء منطقة "الطويلة" بمدينة كريتر، تشير المعلومات التي تلقيناها من المواطنين خلال جولة ميدانية للمنطقة المتضررة، إلى تعرض منزل واحد لاحتراق كلي، ومنزلين إلى الاحتراق بشكل جزئي، وعشرات الأضرار الطفيفة في منازل أخرى نتيجة وصول الطلقات النارية من الأسلحة المختلفة إليها وإصابة بعضها لأجهزة التكييف المنزلية وهو ما تسبب في تلف بعضها وأحدث أضرارا في الأخرى، إضافة إلى تعرض مسجدي الهدى والشنقيطي لأضرار جزئية في الأول وخفيفة في الثاني.

كما تكبّد المدنيون خسائر أخرى متعددة، إذ تدمرت نحو 9 سيارات خاصة بالمواطنين بشكل كلي وتعرضت للاحتراق في عدد من أحياء المنقطة، فيما تنوعت الأضرار في عشرات السيارات الأخرى بين متوسطة وخفيفة، إلى جانب الأضرار التي لحقت بشبكة نقل التيار الكهربائي للأحياء المرتفعة من منطقة "الطويلة"، وتلف العشرات من خزانات المياه الخاصة بالمواطنين وتلف أنابيب نقلها، وانقطاع خدمة الهاتف الأرضي والانترنت عن بضعة منازل أخرى، بعد تعرض خطوط نقلها إلى تلف جزئي.

ووجه رئيس الوزراء معين عبدالملك، محافظ عدن ورئيس لجنتها الأمنية، أحمد حامد لملس، ومدير أمن عدن اللواء مطهر الشعبي، الأحد قبل الماضي، بضرورة إعادة الأمن والاستقرار، وحصر الأضرار التي لحقت بالممتلكات الخاصة والعامة، نتيجة الأحداث "المؤسفة" التي شهدتها كريتر.

وأعلن محافظ عدن أحمد لملس في ذات اليوم، عن تشكيل لجنة لحصر الأضرار للبدء بعملية التعويض، أثناء زيارته لمدينة كريتر، إلا أن قرار التشكيل الفعلي لهذه اللجنة من قبل المحافظ، صدر يوم الأحد الماضي، أي بعد نحو أسبوع من توجيه رئيس الوزراء.

ونصّ قرار المحافظ، على تعيين وكيل محافظة عدن، عدنان محمد الكاف رئيسًا للجنة، وعضوية مدير عام صيرة ومدير عام مكتب الاشغال "على أن تقوم اللجنة برفع تقرير شامل ومفصل بالأضرار التي لحقت بمساكن وسيارات وأملاك المواطنين جراء المواجهات الأمنية مع الجماعات الخارجة عن القانون خلال مده أقصاها اسبوعان من تاريخ الأمر".

وقال محافظ عدن في تصريح نشرته صحيفة "الأيام" الأحد الماضي، إن لجان الحصر شارفت على توثيق الأضرار، وإنهم يقومون حاليا بدراسة التقارير الميدانية التي على أساسها سيتم صرف التعويضات التي ستبدأ خلال أسبوعين.

وعلى العكس من ذلك، عقدت اللجنة المشكلة من المحافظ، يوم الاثنين الماضي أول اجتماع لها، لمناقشة "آلية العمل الممكنة" ومراجعة عدد من الكشوفات "الأولية" المقدمة من فريق المسح. كما حددت اللجنة يوم الخميس الموافق 14 من أكتوبر الجاري، موعدًا أخيرًا لتسجيل أسماء المواطنين المتضررين واستكمال بياناتهم.

كما قامت لجنة الحصر يوم الاثنين، بأول زيارة ميدانية لها إلى المناطق المتضررة من أحياء منطقة "الطويلة" بمدينة كريتر، والتقوا عددًا من المتضررين واطلعوا على حجم الأضرار، وسط مخاوف لدى المواطنين من إطالة أمد الإجراءات والوعود أسوة بتعويضات المتضررين من السيول التي شهدتها المدينة في إبريل من العام الماضي، والتي لم تشمل جميع المتضررين ولم تكن موازية لحجم الأضرار التي طالت المواطنين.