بعد أن تعلمنا مواجهة الأوبئة.. كيف نتصدى لانتشار الاكتئاب؟

المدنية أونلاين/صحف:

قالت سوزانا شروبسدورف، في مقال كتبته لمجلة «التايم»، إن والدها، الذي كان دائماً سريع البديهة، رأى أن اكتئاب أختها الصغيرة قد عاد للظهور عندما طبع صوراً التقطها لها، حيث أشار إلى أنه تمكن من رؤية ذلك في عينيها. لقد كانت ملاحظة ولدت من الحب والخبرة، وليس العلم.

وحتى وقت قريب، كان الاكتئاب الشديد يبدو كأنه مرض يشبه الشبح - غير مرئي ولكنه مدمر. ويعتبر الاكتئاب اضطراباً لا يزال يصيب الملايين كل عام - واحد من كل أربعة منا سيعاني من نوبة اكتئاب في حياته. رغم بروز هذه الأرقام وحقيقة أن البشر كانوا يوثقونها منذ آلاف السنين، فإننا بدأنا حديثاً في فهم بيولوجيتها.

ما مدى اختلاف تفكيرنا حول الاكتئاب إذا تمكنا من تخيله وتتبعه ومكافحته بالطريقة التي نتعامل بها مع السرطان أو فيروس «كورونا» الجديد؟

بفضل بعض الأبحاث الجديدة المذهلة، نقترب أكثر من اكتشاف ذلك، وفقاً لشروبسدورف.

في أبريل (نيسان)، نشر فريق من كلية الطب بجامعة إنديانا أخباراً عن اختبار دم جديد واعد يمكن أن يكشف عن مدى خطورة اكتئاب المريض، وخطر الإصابة بالاكتئاب الشديد، وحتى خطر الإصابة باضطراب ثنائي القطب في المستقبل. سيقربنا هذا الاختراق باستخدام المؤشرات الحيوية للحمض النووي الريبي من علاجات أكثر دقة وفاعلية، وهو مجرد مثال واحد لمجموعة كاملة من المؤشرات الحيوية للاكتئاب التي اكتشفها الباحثون.

وقد تؤدي النتائج الأخرى التي تثبت الصلة بين بيولوجيا الدماغ واضطرابات المزاج إلى علاجات دوائية جديدة. في وقت سابق من هذا العام، قدّم باحثون في قسم الطب النفسي في جامعة ماكجيل بمونتريال دليلاً على أن انخفاض كثافة خلايا الدماغ على شكل نجمة تسمى الخلايا النجمية مرتبط بالاكتئاب الشديد.

وتدعم هذه الخلايا النجمية الخلايا العصبية، ويمكن لخلية نجمية واحدة أن تتفاعل مع ما يصل إلى مليوني نقطة في وقت واحد. قد تكون لانخفاض عدد الخلايا النجمية في مناطق الدماغ التي تمت دراستها آثار سلبية لأنه يُعتقد أن هذه المناطق مهمة لاتخاذ القرار والتنظيم العاطفي، وهي حالات شائعة في حالات الاكتئاب الشديد. لذلك قد تكون هناك فرصة للتخفيف من الاكتئاب عن طريق تطوير الأدوية التي تعزز الخلايا النجمية أو وظائفها. (وهناك أبحاث متفائلة ذات صلة حول المواد المخدرة مثل الكيتامين التي قد تؤثر على وظيفة الخلايا النجمية).

وقالت شروبسدورف إنه بالتأكيد يمكننا تحديد ملامح وآليات الاكتئاب بطرق تسمح لنا برؤية ما نحاربه بوضوح، والتخلص من الوصمات القديمة، والأساطير، ولوم الذات التي تشبثت بهذا المرض لفترة طويلة جداً. بعد كل شيء، في عام واحد فقط، كانت لدينا صورة واضحة لفيروس «كورونا» في رؤوسنا؛ يمكننا إجراء اختبار له، وفي وقت قياسي، حصلنا على لقاح.

وأضافت شروبسدورف: «تخيل لو فكرنا في الاكتئاب والقلق واضطرابات المزاج الأخرى على أنها أزمة على مستوى الوباء وأطلقنا استجابة تتناسب مع الخسائر التي تتسبب فيها هذه الأمراض، خاصة في أعقاب الوباء».

والأزمة ليست كلمة قوية للغاية: فقد أفادت مراكز السيطرة على الأمراض بأن النسبة المئوية للبالغين في الولايات المتحدة الذين يعانون من أعراض القلق أو الاضطراب الاكتئابي ارتفعت إلى 41.5 في المائة في فبراير (شباط). ولا يمكننا تقدير حجم الخسائر في الإنتاجية المفقودة، والزيادات المرتبطة بتعاطي المخدرات. وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن الاكتئاب هو المساهم الرئيسي في الإعاقة طويلة الأمد على مستوى العالم.

ويمكن أن يشمل الجهد عملية ضخ الموارد لتوفير الوصول الشامل إلى المعالجين والعلاجات الحالية في الوقت الحالي. نظراً لأننا جميعاً نعرف شخصاً ما أو شخصاً حارب هذا الاضطراب، فهذه مشكلة الجميع، بحسب شروبسدورف.