تقييم نرصده من الصحفيين أنفسهم.. المواقع الإخبارية.. مابين الحقيقة وتزييف الحقائق

المدنية/صحيفة الأيام/نوارة قمندان:

نتيجة لاشتداد الصراع السياسي بين القوى المتصارعة في البلاد الذي بلغه ذروته في السنوات الأخيرة الماضية، لجأت تلك القوى إلى الاستفادة من خدمة المواقع الإخبارية الإلكترونية وتوظيفها لخدمة مصالحها السياسية، نتيجة لما تمتاز به هذه الصحف الإلكترونية من سرعة في نقل الأخبار، وتشكيل الرأى العام لدى القارئ.



توظيف سياسي جعل كثير من هذه المواقع تفقد مصداقيتها لدى القارئ لما تنشره من أخبار مغلوطة ومفبركة متجردة من المهنية والمصداقية والموضوعية، نتيجة لغياب الرقابة الإعلامية من قبل الجهات المختصة عليها، لتضحى أشبه ما تكون بالدكاكين والبقالات باستطاعة كل من يملك قليلاً من النقود أن يمتلك موقعاً إخبارياً يديره بالسياسة التي توافق هواه وأهدافه، حتى وإن كانت أهدافاً هدامة وسلبية.



«الأيام» سلطت الضوء على أسباب انتشار هذه الظاهرة الإعلامية وآثارها السلبية على المجتمع جراء ما تنشره من أخبار مفبركة ومغلوطة، متجردة من المهنية الصحافية.

عدنان الجعفري

الصحفي عدنان الجعفري تحدث لـ«الأيام» حول هذا الموضوع بالقول: “الصحف الإلكترونية أو المواقع الإخبارية أصبحت في الوقت الحاضر شبيه بـ(الدكاكين) وليست مواقع لنقل الأخبار وتوعية المجتمع وإطلاعه على ما يجري حوله بمهنية ومصداقية، نتيجة لتبعية معظمها لجهات سياسية، وذلك بهدف تصفية حساباتها السياسية مع خصومها وخدمة لأهدافها، لكون هذه الوسيلة الإعلامية الإلكترونية سريعة في نقل الخبر”.



وأضاف: “الصحف الإلكترونية ليست كلها غير مهنية وتدار من قبل جهات سياسية، بل أن هناك مواقع إخبارية محترمة تدار من قبل نخبة من الصحفيين وتعمل بشكل مهني جيد، غير أنها قليلة، وأخرى غير بارزة لسبب تزايد الصحف الإكترونية الإخبارية التي ظهرت خلال الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد مؤخرا”.



وأكد الجعفري أن “الصراع السياسي الحاصل في البلاد هو من صنع بعض الصحف الإكترونية التي تنقل الأخبار بصورة ملونة ومغلوطة بهدف الحصول على مكاسب سياسية شخصية، وهو ما يؤدي إلى خلق رأي عام مغاير للواقع، إضافة إلى غياب الرقابة الحكومية ممثلة بوزارة الإعلام على هذه الصحف الإلكترونية التي أصبحت تنشأ بشكل عشوائي، الأمر الذي مكن أي شخص يملك المال من إنشاء موقع إخباري وإن كان غير صحفي”.



وأضاف: “لقد شكلت بعض الصحف الإلكترونية رأيا عاما سلبيا لدى المواطن نتيجة لإمكانية متابعتها باستمرار وبسهولة لارتباطها بخدمة الإنترنت ومتابعتها بواسطة الجوال ومن أي مكان، ولكن للأسف الشديد لم يتم استغلالها بالطريقة الإيجابية والصحيحة لكي يستفيد منها الجمهور، ومن المؤسف أيضاً أن يترأس تحرير أغلبية هذه الصحف الإلكترونية عسكريون ليس لهم علاقة بالمجال الإعلامي، ولم يمتلكوا أية خبرة صحفية، والمؤسف أيضا أنهم جاؤوا بتعليمات حزبية أو عسكرية إلى هذا المجال، وهذا شيء خطير على المجال الإعلامي ولا يمكن للعسكري أن يوجه خطاب صحيفته لبناء دولة مدنية”.



**مواقع لنقل الشائعات**

صابر العمدة



الصحفي صابر العمدة بدوره تحدث عن هذه المواقع الإلكترونية ومدى مصداقيتها ونجاحها فيما تنقله من أخبار إلى القارئ بالقول: “إن مسألة نجاح المواقع أو الصحف الإلكترونية في نقل الأخبار بمصداقية وصناعة رأي عام هي مسألة نسبية، ولهذا من الصعب التحديد بشكل صحيح وصائب”، مضيفاً: “إن المتابع لهذه المواقع الإخبارية وما تقدمه للقارئ من أخبار على مدار الساعة يجد ـ مع الأسف ـ أن غالبيتها تحولت من مواقع لنقل الأخبار بمصداقية إلى مصادر ووسائل لنقل الشائعات والبحث عن الإثارة والحصول على أكبر قدر من المتابعة”.



وأعاد العمدة ذلك إلى “غياب الضمير المهني والإنساني لدى القائمين على تلك المواقع وتجردهم من أخلاقيات المهنة”.



وتابع بالقول: “مع الأسف أن معظم من يديرون هذه المواقع ليس لهم علاقة بالإعلام الحقيقي المهني بقدر امتلاكهم للمال الذي مكنهم من إنشاء هذه المواقع لخدمة الجهات التي تمولها وتقف خلفها، وبرغم كل هذا إلا أن هذه المواقع الإخبارية تمتاز بنقل الأخبار إلى القارئ بسرعة فائقة وتضعه في قلب الحدث نتيجة للتطور التكنولوجي، الأمر الذي يحتم على أصحاب وملاك هذه الصحف الإلكترونية تحري المصداقية والمهنية فيما تنقله من أخبار وتغطيات صحافية”.



واختتم العمدة حديثه بالقول: “أعتقد أن غياب الرقابة وعدم وجود معايير وشروط لإنشاء هذه الصحف الإلكترونية هو الذي وضعنا أمام هذا الكم الهائل من المواقع الإلكترونية التي تفتقر إلى جميع المعايير الصحفية”.



**مواقع للاتجار**

مروان الجنزير



من جهته تحدث لـ«الأيام» الصحفي مروان الجنزير عن هذا الموضوع الذي بات يشكل ظاهرة إعلامية سلبية أكثر مما هي إيجابية بالقول: “إن الغرض الأساسي من إنشاء الصحف الإلكترونية هو منافسة الصحف الورقية بسرعة نقل الأحداث وجعل القارئ والمتابع يواكبان الأحداث التي تجري ليس على محيطه المحلي وحسب بل والإقليمي والدولي ونقلها له بمصداقية ومهنية، غير أن هذا الأمر معكوس تماماً في مواقعنا المحلية التي سيطرت على هذه الأخبار والمعلومة وحولتها إلى سلعة بغرض الاتجار بها وتوظيفها حسب سياسة صاحب الموقع الإلكتروني لتحقيق الأهداف التي أنشئ الموقع من أجلها”.



وأضاف: “لقد تحولت هذه المواقع الإخبارية إلى شبه ما تكون بسوق للحراج لمن يدفع أكثر، ونادراً ما تجد موقعاً يواكب الأحداث والمعلومات بمصداقية ومهنية”. وأعاد الجنزير هذا الأمر إلى “غياب دور الرقابة من وزارة الإعلام”.. مختتماًَ حديثه بالقول: “إن المشكلة الرئيسة في هذه المواقع أنها تدار من قبل متنفذين وليس لهم علاقة بالعمل الصحفي ألبتة، بل ويتعمدون تحريف الأخبار لخدمة مصالحهم”.



**قنوات لنشر الأخبار الزائفة**

أنيس منصور



رئيس موقع “هنا عدن” الإخباري أنيس منصور أدلى بدلوه حول هذا الموضوع بالقول: “حقيقة أشعر بالأسف الشديد أن تتحول بعض المواقع ذات الصيت العالي في وقتنا الحاضر إلى مجرد قنوات لنشر الأخبار الزائفة العارية من المصداقية، التي صار بموجبها المجرم ضحية والضحية مجرماً والمظلوم ظالما والعكس”.



وأضاف: “إن تلك الصحف لا تكلف نفسها عناء البحث والتأكد من صحة ما يصلها من أخبار، والاكتفاء بالضغط على زر (إضافة خبر) لنشر جميع الأخبار خاصة وأن الأنترنت فضاء مفتوح أمام الجميع من قاصرين ومراهقين”، مشيراً إلى أن هذه الوسيلة الإعلامية باتت لا تخلو من عيوب أبرزها انعدام الاستقلالية، بالإضافة إلى توفير بيئة خصبة لانتشار الإشاعات بسرعة فائقة وغير معهودة في الصحافة الورقية”.



**صحافة صفراء**

فارس الشعبي



أما مدير تحرير موقع (المدنية أونلاين) الصحفي فارس الشعبي فقال: “إن انتشار الصحافة الإلكترونية بشكل كبير يعود إلى غياب القيود التي من شأنها أن تفرض قوانين تحكمها، ولهذا وجدت - إن جاز القول - صحافة صفراء تستقرئ الأحداث من زاوية محصورة جداً لمصلحة ملاكها أو مموليها”.



وأضاف قائلاً: “إن الصحافة الإلكترونية تعاني من العديد من الاختلالات كغياب المصداقية والمهنية وخرق للإخلاقيات بالإضافة إلى تنقل الحدث من غير مصدره الحقيقي، ولهذا نجد أن هذه المواقع لايهمها نقل الحقيقة بقدر ما يهمها إشاعة الخبر لمصلحة جهة أو على أخرى”.



وأكد الشعبي في سياق حديثه أن “مستقبل هذه الصحف الإلكترونية مرتبط بالتزامها بالمصداقية فيما تنقله من أخبار ومواد إعلامية، وهو ما من شأنه أن يؤدي ـ في الوقت نفسه ـ إلى توسعة قاعدة قرائها وتقوية مواردها، وفي حال عدم التزامها بالمصداقية والمهنية في تغطياتها الإخبارية سيؤدي إلى العكس تماما”.



**تضليل إعلامي**

علي عسكر



بدوره تحدث الصحفي علي عسكر بالقول: “أعتقد أن هذه الصحف الإلكترونية قد نجحت وبنسبة جيدة في نقل المعلومة، ولكن هذه المعلومات لم تستطع أن تخلق رأياً عاماً نتيجة لاختلاف وجهات النظر لهذه الصحف حول القضايا الراهنة لأنها تدار من قبل جهات سياسية متصارعة، وهذا ما أدى إلى غياب المهنية في طريقة نقل المعلومات”.



وأوضح عسكر أن “الانتشار الكبير لهذه الصحف الإلكترونية يعود لأسباب كثيرة أبرزها سهولة النشر، وقلة التكلفة، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي والتحرر من مقص الرقيب، وهذا ما مكن الجماعات السياسية المختلفة من الغوص في هذا العالم، كونه أسرع وسيلة لإيصال الأخبار للجمهور”.



مختتماً حديثه بالقول: “إن لهذه المواقع الإخبارية سلبيات عديدة كالتضليل الإعلامي، ونقل الصور المفبركة والمغلوطة، بالإضافة إلى سرقة جهود بعض الوسائل، كما أن معظم أخبارها تنقصها المعلومات والصياغة الصحفية السليمة والاكتفاء بقتل المعلومة وحسب”.



**غياب المصداقية**

الصحفية هانم محمود قالت: “إن السبب الرئيس لانتشار المواقع الإخبارية الإلكترونية عائد لسهولة استخدامها، والمنافسة المحتدمة بينها وبين الصحف الورقية”.



وأشارت هانم ـ في حديثها لـ«الأيام» ـ إلى أن لهذه المواقع دور كبير في التضليل الإعلامي والخداع في نشر الحقيقة، ونقل الأخبار المتجردة من المصداقية والدقة والموضوعية، فضلاً عن وجود الأخطاء الإملائية في الأخبار”.. مرجعة ذلك إلى عدم وجود الخبرة لدى بعض مؤسسي تلك المواقع الإخبارية.



واختتمت هانم حديثها بسرد بعض من الإيجابيات التي تتميز بها هذه المواقع المتمثلة في سهولة نقل الخبر، وسرعة انتشاره لكل أنحاء الوطن العربي والعالم، بالإضافة إلى توفير عملية تصفح الأخبار السريع للقارئ”.