حقوقيون يتهمون انقلابيي الحوثيون بتصعيد القمع ضد المكونات النسوية

 

أفادت مصادر حقوقية يمنية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية عادت من جديد إلى استهداف النساء في مناطق سيطرتها، بحزمة من التعسفات والانتهاكات، آخرها إطلاق تهديدات قبل أيام بإغلاق مقر «اتحاد نساء اليمن» في صنعاء (كبرى المنظمات النسوية) على خلفية إحياء فعاليات تعنى بقضايا وحقوق النساء اليمنيات.

وكشفت المصادر عن أن القيادي الحوثي المدعو فيصل مدهش، أحد مسؤولي الجماعة فيما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، هدد مؤخراً بإغلاق مقر الاتحاد في صنعاء، بذريعة تنظيمه فعاليات نسوية مختلفة، من بينها إحياء اليوم العالمي لحقوق المرأة.

ونقلت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن القيادي الحوثي مدهش قوله: «إن الاتحاد لم تعد له أي فائدة، وإنما مهمته أصبحت مقتصرة على الترويج للاختلاط والثقافات الغربية، وبات واجباً اليوم إغلاقه بصورة نهائية». بحسب زعمه.

وأشارت المصادر إلى أن قادة الميليشيات اعترضوا بشدة على إقامة الفعاليات داخل مقر الاتحاد، في وقت اضطر فيه الاتحاد إلى إقامتها في المبنى الخاص به بسب مضايقة الحوثيين، على الرغم من الحصول على تصاريح مسبقة منهم.

في غضون ذلك، أفاد ناشطون حقوقيون بأن المجلس الحوثي كان قد عاقب قبل أسابيع قليلة عشرات من المنظمات التي نظمت فعاليات لمناهضة العنف ضد المرأة بصنعاء ومدن يمنية أخرى، من خلال إيقاف التصاريح الجديدة لمشروعاتها الإنسانية والإغاثية.

وقال الناشطون لـ«الشرق الأوسط»، إن مثل تلك الممارسات التي وصفوها بـ«الإرهابية»، تعبر عن أن الميليشيات لا تكتفي بجرائمها المتكررة بحق النساء؛ لكنها وصلت حد مطاردة الجهات والمنظمات التي تدافع عن قضايا النساء اللاتي يتعرضن لمضايقات واعتداءات الميليشيات بشكل متكرر.

وفي الوقت الذي أشار فيه الناشطون إلى أن الميليشيات أبدت غضباً كبيراً من تنفيذ منظمات محلية مؤخراً حملات توعية مناهضة للعنف ضد المرأة، على الرغم من أنها اقتصرت في الحدود الدنيا وداخل مقارها، ولم تنفذ أنشطة ميدانية أخرى، كشفوا أيضاً عن أن الجماعة فرضت خلال اليومين الماضيين حزمة عقوبات جديدة على بعض المنظمات، بحجة تبنيها حملات مناهضة للعنف ضد المرأة.

وفي سياق استمرار الانقلابيين في تضييق الخناق على النساء اليمنيات والمنظمات المدافعة عنها، أكدت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إقدام مسلحي الجماعة قبل أيام على اقتحام ورشة عمل أقيمت بنادي سيدات الأعمال في شارع حدة (وسط صنعاء) بذريعة الاختلاط، وقيامها بطرد المشاركين في الورشة، ومن ثم إغلاق النادي للمبرر ذاته.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي منعت فيها الجماعة المنظمات من إقامة فعاليات نسوية بمناطق سيطرتها، إذ سبق أن منعت الميليشيات في مارس (آذار) من العام الماضي «اتحاد نساء اليمن» ومنظمات مدنية أخرى من إقامة فعاليات في صنعاء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ونشاطات تشجيعية وتوعوية أخرى؛ بالذريعة ذاتها، وهي منع الاختلاط، على الرغم من أن الهدف منها كان تشجيع النساء على الإنتاج.

وكان «اتحاد نساء اليمن» قد أعلن مطلع مارس 2019 عن إقامة فعالية بحديقة السبعين وسط صنعاء، مع «بازار خيري» تشجيعاً للأسر المنتجة، إلا أن مسلحي الجماعة سارعوا لاقتحام وإيقاف تلك الفعالية، معتبرين أن إقامتها يعد تجمعاً يختلط فيه الجنسان.

وعلى صلة بالموضوع ذاته، كشف عديد من التقارير المحلية والدولية أن الميليشيات لا تزال تكثف من جرائمها وانتهاكاتها ضد المنظمات والجهات المعنية بحقوق المرأة من جهة، وضد اليمنيات بمناطق سيطرتها من جهة ثانية.

وأكدت بعض التقارير أن الجماعة (حليف إيران في اليمن) من خلال محاولاتها تضييق الخناق على المنظمات، تسعى إلى قمع وإرهاب كل من يعمل على توثيق جرائمها بحق المرأة اليمنية.

وكانت شبكة محلية حقوقية قد وثقت أكثر من 4282 انتهاكاً ارتكبتها الميليشيات بحق اليمنيات منذ انقلابها في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، وحتى 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2020.

وأفادت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، في تقرير لها، بأن الانتهاكات تنوعت بين 1456 حالة قتل و2379 حالة إصابة، جراء القصف المدفعي وانفجار الألغام والعبوات الناسفة، وكذلك أعمال القنص والإطلاق العشوائي للرصاص الحي الحوثي، بالإضافة إلى 447 حالة اختطاف وإخفاء وتعذيب بحق النساء اليمنيات.

وأوضحت الشبكة أن الانتهاكات التي تم توثيقها توزعت على 17 محافظة يمنية؛ مشيرة إلى أن محافظة تعز تصدرت قائمة القتلى من النساء على أيدي الميليشيات الحوثية بعدد 1802 حالة، تلتها الحديدة بـ219 حالة قتل، ثم عدن بـ58 حالة، ولحج 42 حالة، ثم مأرب بـ41 حالة قتل، ومثلها في الجوف، وتأتي كل من الضالع وأبين في المرتبة السابعة بعدد 34 حالة قتل.

وسجل الفريق الميداني للشبكة في البيضاء 26 حالة قتل، بينما توزعت بقية الأرقام على بقية المحافظات.

كما تحقق فريق الشبكة الميداني من مقتل 274 امرأة جراء انفجار الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي في الشوارع والطرقات العامة وداخل الأحياء السكنية والمزارع وأماكن الرعي والأسواق، من بينهن 76 امرأة قتلن بألغام وعبوات مسلحي الجماعة بتعز، و49 قتلن في الجوف، و26 في الحديدة، و21 امرأة قتلن بالألغام الحوثية في الضالع، بينما تتوزع بقية الأرقام على بقية المحافظات.

ووفق الشبكة فقد تم توثيق 16 واقعة إعدام خارج إطار القانون ارتكبتها ميليشيا الحوثي بحق نساء، توزعت على محافظات: تعز، والحديدة، ولحج، والضالع، وصنعاء، وحجة، وعمران.