النقيب الضاوي.. بطولة نادرة في معركة أكملها جريحاً قاذفاً الرعب في قلوب المليشيا
في (فبراير من العام الحالي ٢٠٢٠ م )، كانت المعركة البطولية، التي خاضها البطل "النقيب محمد الضاوي مع 12 آخرين من أبطال الجيش حتى استشهدوا، ليبقى هو حتى نهايتها، والتي انتهت بإصابته بجروح بليغة، بعد أن قضى على أنساق حوثية، تركها ملقاة بالقرب من موقعه جثثاً هامدة في جبل جرشب، بمديرية الغيل بمحافظة الجوف.
بدأت المعركة بعد أن حاصرت المجاميع المتمردة الضاوي ورفاقه الأبطال في موقعهم، وهو الأمر الذي تعامل معه بشجاعة نادرة، ظل يصدح بصوته، رافعاً من معنويات من معه، والمرابطين في المواقع المجاورة، متعهداً بالقتال حتى آخر رمق.
ظل يردد القصائد والزوامل على جهاز "اللاسلكي" رغم الحصار المطبق عليه، بعد أن قطع خط الإمداد عنهم، لم يكن هناك طريقة لتعزيزهم، إلا الصمود وكان ذلك، مهما كانت التكلفة باهظة.
قاد "أبو مأمون" وهذه كنيته المعركة باقتدار، والتي يصفه عبدالإله البوري، وهو مراسل إعلام حربي، بأنه صاحب أعظم بطولة في الحرب منفذا خطة خاصة فرضتها المعركة، والتي استطاع من خلالها هو ومن معه قتل أول الأنساق الحوثية دون خسائر بشرية، وفي النسق الثاني وعند منتصف الليل سقط أول أفراده شهيداً، وعند الفجر ارتقى الثاني ليلحق بصاحبه.
يقول البوري استمرت المعركة طوال اليوم الثاني دون توقف، ظل فيها الضاوي مقاتلاً ومناوراً حتى رحل 9 من رفاقه الأبطال، لتستمر المعركة ليلاً، والتي قضاها متنقلاً بين المتارس، يمر فيها على شهدائه التسعة، وكان اثنان قد أصيبا، فبدأ في ارتجال قصيدة رددها على جهاز "اللاسلكي" والتي سمعها الجميع، والمعركة على أشدها، فبقيت شاهدت على أقوى المعارك ودالة عليها.
بعد قصيدته كان قد قرر قبل ندائه الأخير على "اللاسلكي" بأن لديه تسعة شهداء وجريحان قال: "سأحطم الجهاز اللاسلكي ثم أقاتل حتى الموت" وهو ما حدث قاتل وحيداً حتى أصابته 4 رصاصات في بطنه، ومع ذلك ظل صامداً مفترشاً مكانه، متخذا منه مترساً للقتال، حتى نفدت ذخيرته.
أحاطت به المجاميع الحوثية بفزع، وقد نال منها، باشره مشرفها المدعو "أبو حسين" الذي كان هو الآخر يشعر بالخوف من الأسد الجريح، الذي سارع إلى إيذائه والضغط على جروحه وتركها تنزف، ليغادروا المكان ظناً منهم أنه لن ينجو.
بقي الضاوي ليلته تلك يعاني جروحه، والبرد الذي كان قارساً، إلا أنه ظل يناجي ربه، ويرتجل قصائده المبللة بدمه ودموعه على رفاقه الأبطال.
مع ذلك أراد الحوثيون التأكد من موته، وأتوا إليه عند منتصف الليل، وهم ما زالوا في فزعهم منهم، كما يتحدث ويقول: قلت لهم "إن كان فيكم شهامة ورجولة أريد الجاكت العسكري أو اقتلوني" إلا أن طلبه رفض، وهو الرفض ذاته ظهيرة اليوم الثاني.
استمر الضاوي يغالب جروحه طيلة ثلاث ليال وأربعة أيام حتى أصفر لون جسمه، لتكتب له نجاة على يد أعدائه، من مجموعة أخرى مرت عليه ولم تعرف قصته، والتي نقلته إلى نقطة طبية، والذي تلقى فيها علاجاً أولياً، إلا أن عناصر المدعو "أبو حسين" ظلت تطارده، وأرادت التخلص منه، في النقطة الطبية، إلا أن القدر أنجاه مرة أخرى بعد أن أقنع أحد عناصر المليشيا الطبية من الاحتفاظ به كأسير أفضل من موته.
نقل البطل الضاوي إلى العاصمة المختطفة صنعاء، وبعد أن تلقى إسعافات أولية، ألقي في أحد سجون المليشيا ليظل فيه 6 أشهر، حتى التم التبادل به بعد أن استطاع أبطال اللواء 127، القبض على أحد قيادات المليشيا الميدانية، ويدعي صدام ذبيان، فعمل أبطال اللواء على إخراج 12 بطلاً مقابل الإفراج عنه، وكان منهم بطلنا الضاوي.
حين حرر من سجنه بصفقة التبادل، غادر رفاقه إلى مدينة مأرب، أما هو توجه إلى مترسه مجدداً وبمعنويات قتالية، تعانق السماء، إذ هو الآن يرابط في أحد مواقع الجيش في جبهة عدوان، منازلاً المليشيا، التي عاهد نفسه وهو جريح بأنه سيظل مقاتلا لمشروعها حتى يتم اجتثاثه من وطنه، أو يموت دون ذلك.