اتهامات للحوثيين بتهريب 14 ألف مخطوطة يمنية تاريخية

المدنية أونلاين ـ متابعات خاصة :

اتهمت مصادر يمنية رسمية الجماعة الحوثية بنهب وتهريب أكثر من 14 ألف مخطوطة يمنية قديمة، بالتزامن مع استمرار الجماعة في الاعتداء على المدن التاريخية وسرقة الآثار ونقلها عبر شبكات تهريب لبيعها في الخارج.

ووسط تحذيرات المهتمين بقطاع الآثار والمخطوطات في اليمن، اتهمت الحكومة اليمنية هذا الأسبوع الجماعة الانقلابية بإخفاء وتهريب ما يزيد عن 14 ألف مخطوطة يمنية نادرة ومئات القطع الأثرية.

ودعا أمين العاصمة صنعاء عبد الغني جميل خلال فعالية ثقافية نُظمت في مأرب حديثاً، اليمنيين بما فيهم المهتمون بالتاريخ والتراث والناشطون والمثقفون والكتاب والصحافيون، للقيام بدورهم تجاه ما تقوم به الجماعة من تهريب وإخفاء المخطوطات والآثار في استهداف ممنهج للهوية اليمنية.

وتحدث مهتمون في المجال التاريخي والثقافي عن جرائم وانتهاكات وصفت بـ«المهولة» ارتكبتها الميليشيات بحق المخطوطات والموروث الثقافي اليمني، وأكدوا أن الميليشيات «تهدف من وراء تهريب وإخفاء وإتلاف المخطوطات والآثار، إلى القضاء على هوية اليمنيين حتى يسهل تطبيعهم وفق مشروع الجماعة اللاوطني».

إلى ذلك، اتهم موظفون وعاملون في قطاع الآثار والمخطوطات قادة في الجماعة بوقوفهم وراء عمليات نهب وتهريب كميات كبيرة من المخطوطات الأثرية القيمة الموجودة في مكتبات المساجد التاريخية، وكذا تنفيذها أعمال تدمير ممنهجة لمئات المخطوطات القديمة التي تتعارض مع أفكارها السلالية الطائفية.

وأشار عدد من العاملين في هذا القطاع خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى ما وصفوه بـ«جرائم الميليشيات» التي تمثلت في إخفاء وإتلاف مئات من المخطوطات بحجة أنها تتعارض مع أفكارها الجماعة، إلى جانب بقيامها بتهريب أعداد ضخمة من الآثار والمخطوطات عبر عصابات تدعمها وتشرف عليها إلى جهات إيرانية ومرجعيات في الحوزات الخمينية.

كما ذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة مستمرة في عمليات الهدم والتخريب في عدد من المدن التاريخية الواقعة تحت سيطرتها بحثاً عن الآثار والمخطوطات.

وطالت أعمال التخريب - بحسب المصادر - أجزاء من المساجد والمباني القديمة في صنعاء القديمة وفي شبام كوكبان بالمحويت، وفي جبلة وإب القديمة، وفي زبيد بالحديدة، وغيرها، من المساجد والمباني الأخرى الواقعة في كل من صعدة وذمار وعمران والمحويت، والتي تحوي كميات من المخطوطات تمثل ذاكرة اليمن عبر القرون الماضية.

وبخصوص ما تتعرض له صنعاء القديمة حالياً من تدمير ممنهج، كشفت المصادر عن توجيهات حوثية صدرت قبل أيام بهدم 11 منزلاً أثرياً، غرب الجامع الكبير؛ حيث شرعت عناصر الجماعة بهدم المنازل بحجة تضررها وعدم قابليتها للصيانة.



ووصفت المصادر عملية هدم المنازل، التي يتجاوز عُمرها أكثر من 600 عام، بأنها جريمة في حق مدينة صنعاء القديمة والتراث الإنساني العالمي.

من جهتهم، ناشد ناشطون ومهتمون بالآثار في العاصمة صنعاء، المنظمات الدولية، وعلى رأسها اليونيسكو، للضغط لإيقاف الجماعة عن مواصلة هدم المنازل الأثرية والعمل على معالجة المخاطر التي تتهدد عشرات من مباني مدينة صنعاء التاريخية.

وأشار عدد من الناشطين «إلى أن إرث اليمن الحضاري والتاريخي والأثري لا يزال يتعرض لأكبر عملية نهب منظمة ينفذها الحوثيون، في وقت تنشط قيادات الميليشيات بتهريب وبيع القطع الأثرية خارج اليمن».

وكانت الحكومة الشرعية اتهمت في وقت سابق الميليشيات بتدمير كثير من المواقع التاريخية التي تقع تحت سيطرتها وتورط قادتها في تهريب كثير من القطع الأثرية لتمويل مشروعاتها. في حين اتهمت تقارير محلية الجماعة بنهب أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية كانت مسجلة بأحد متاحف العاصمة.

وحمّلت الحكومة اليمنية الجماعة مسؤولية فقدان أو تلف محفوظات كل من دار المخطوطات ومخطوطات الجامع الكبير بصنعاء القديمة. وناشدت حينها المنظمات الدولية القيام بدورها في الحفاظ على الموروث الثقافي اليمني، وعلى رأسها منظمة اليونيسكو.

وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، عمدت الميليشيات إلى تهريب كثير من القطع والمقتنيات الأثرية التي يعود تاريخها لآلاف السنين، لتمويل مشروعاتها الفكرية في اليمن، وذلك بطريقة منظمة عبر المنافذ البرية والبحرية للبلاد.

وفي مطلع أبريل (نيسان) الماضي، نددت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) بالانتهاكات الحوثية ضد المخطوطات والآثار اليمنية، بما في ذلك السطو على نفائس المخطوطات التاريخية وإتلافها وتهريب النادر منها من المكتبات والمواقع الأثرية.

وجاء الاستنكار العربي للسلوك الحوثي عقب اتهام الحكومة اليمنية في بيان رسمي للجماعة الحوثية بتدمير دور المخطوطات ونهبها وإقصاء الموظفين المختصين والاستيلاء على قواعد البيانات الخاصة بالمكتبات التاريخية.

وقالت «ألكسو»، وهي إحدى الهيئات التابعة للجامعة العربية في بيان لها، إن التراث الثقافي في اليمن يتعرض «لعمليات مصادرة وإتلاف من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية حيث تعمدت الجماعة تدمير مقتنيات المتاحف من الآثار وإخفاء وتهريب المخطوطات النادرة والقديمة من المكتبات والمواقع الأثرية والتاريخية والمعالم الدينية بصنعاء وشبام وصعدة وذمار وزبيد وجبلة والجند؛ حيث توجد كميات ضخمة من المخطوطات النادرة التي توثق للذاكرة الثقافية الإنسانية في اليمن عبر قرون».

وأوضحت المنظمة في بيان لها أن أعمال التدمير والنهب والتهريب من قبل الحوثيين استهدفت «نفائس الآثار» و«بصائر الوقف» في الجامع الكبير بصنعاء، ومحتويات خزائنه والأضرحة والمكتبات الموجودة بها، وقد تمّ تسجيل اختفاء مخطوطات قديمة ونادرة، يعود بعضها إلى القرنين السادس والسابع للهجرة، وتنوّعت بين «مصاحف ووثائق لأملاك الوقف ورقوق قرآنية».