اتهامات لانقلابيي اليمن بنهب موارد قطاع السياحة الداخلية
اتهمت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء الجماعة الحوثية الموالية لإيران بالاستمرار في نهب موارد قطاع السياحة الداخلية، عبر وقف رواتب موظفي هذا القطاع، والسطو على الودائع المصرفية الخاصة به، إضافة إلى إحلال عناصر الجماعة في مفاصل المؤسسات ذات الصلة.
في هذا السياق تحدث لـ«الشرق الأوسط» موظفون وعاملون في صندوق مجلس الترويج السياحي الواقع تحت سيطرة الجماعة في صنعاء، عن استقطاع الجماعة لقرابة 70 في المائة من مرتباتهم دون وجه حق. وشكا العاملون في الصندوق الحكومي المختطف في صنعاء من بطش وجور الانتهاكات الحوثية المتواصلة بحقهم، واستمرار حرمانهم من حقوقهم المالية، وتسخير إمكانات ووظائف الصندوق لصالح عناصر الجماعة وقادتها المنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وأوضح الموظفون في الصندوق أن تلك الاستقطاعات من مستحقاتهم التي وصفوها بـ«المهولة» استثنت الموظفين من السلالة الحوثية، وجاءت بناء على توجيهات مباشرة من المدعو محمد المنصور المعين من قبل الانقلابيين مديراً تنفيذياً لمجلس الترويج السياحي.
وقالوا: «إن الراتب حق مستحق، وسبق أن تم الاتفاق بين أعضاء مجلس إدارة الصندوق على منع أي نهب أو خصميات من مرتبات الموظفين؛ لكن قيادة المجلس الحوثية لم تلتزم بذلك، وأبت إلا أن تمارس كعادتها عمليات النهب والسرقة».
على الصعيد نفسه، أكد مسؤول في مجلس الترويج بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه منذ تعيين المدعو المنصور في قيادة المجلس، عمل على استهداف الموظفين من خلال جملة من الانتهاكات والتعسفات، من بينها خفض مرتباتهم الأساسية.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «إن صندوق مجلس الترويج السياحي تعرض بعد أن بسطت الجماعة يدها عليه لعمليات نهب مهولة، واستبعاد نصف الموظفين وإحلال آخرين من السلالة الحوثية، بينما لا يزال من تبقى من الموظفين يتعرضون للبطش والتهديد بتسريحهم من وظائفهم وإيداعهم السجون».
وبينما تحدث المسؤول عن «أوضاع معيشية صعبة لا يزال يعيشها اليوم أكثر من 80 موظفاً وعاملاً في صندوق مجلس الترويج السياحي»، نتيجة ما قال إنه استفراد الانقلابيين وتسخيرهم لجميع إمكانات الصندوق لصالح عناصرهم بدرجة أساسية، أشار عاملون آخرون في الصندوق ذاته إلى استمرار وقف الجماعة لحوافزهم في وقت تواصل فيه منح العاملين المنتمين لها سلالياً حوافز مالية تصل إلى 150 ألف ريال للعامل الواحد (الدولار حوالي 600 ريال).
وطبقاً للمسؤول نفسه، تجني الجماعة الحوثية من صندوق مجلس الترويج السياحي الخاضع لها، مئات الملايين سنوياً، من الرسوم المعتمدة من تذاكر السفر والمتنفسات العامة والخاصة كالحدائق والكافيهات، إلى جانب رسوم مزاولة المنشآت السياحية والفندقية للعمل، وأماكن الطعام والشراب، ومكاتب السفريات والسياحة والنقل وغيرها.
وأشار المسؤول اليمني إلى أن صندوق المجلس الواقع تحت سيطرة الجماعة لا يزال يمتلك وديعة مالية لدى مصرف محلي تقدر بمليار ريال، وتدر أرباحاً شهرية تزيد عن 20 مليون ريال يمني، إلى جانب موارد شهرية أخرى تقدر بـ50 مليون ريال.
وتقوم الجماعة الحوثية - بحسب المصدر- بتوزيع تلك المبالغ وغيرها بشكل شهري بين موظفي وعمال الجماعة ومديرهم التنفيذي والقيادات النافذة لديها، ولمصلحة المجهود الحربي، وغيرها من الأنشطة الحوثية المختلفة.
وكشف المصدر عن أن الجماعة وفي سياق فسادها ونهبها وتدميرها المنظم لقطاع السياحة وصندوق المجلس السياحي، خصصت قبل فترة ما نسبته 50 في المائة من إيرادات الصندوق لصالح المجهود الحربي، بينما العشرات من موظفي الصندوق لا يزالون يعانون من استقطاع رواتبهم.
وعلى مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب، سعت الميليشيات بشتى الوسائل إلى نهب وتدمير القطاع السياحي في مناطق سيطرتها، تارة بالاستهداف المباشر للمنشآت والمعالم والمرافق السياحية، وأخرى عبر فرض العشرات من حملات الجباية غير القانونية بحق المتبقين من منتسبي هذا القطاع.
وعلى صلة بالموضوع ذاته، قدرت تقارير محلية حجم الخسائر الأولية التي لحقت بقطاع السياحة خلال ستة أعوام ماضية من عمر الانقلاب، بأنها تصل إلى أكثر من 6 مليارات دولار.
وأفادت بعض التقارير بأن الانقلاب الحوثي تسبب في إغلاق نحو 400 وكالة سياحية، قدرت خسائرها بـ800 مليون دولار، في حين تسبب أيضاً في تسريح نحو 95 في المائة من العاملين في القطاع السياحي، إلى جانب فقدان آلاف من فرص العمل التي كانت تشكل مصدر دخل رئيسي للمئات من الأسر اليمنية. وكانت تقارير محلية سابقة قد أكدت أن عائدات اليمن من السياحة بلغت نحو مليار دولار في عام 2010؛ مشيرة إلى أنها تشكل نحو 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت التقارير إنه «حتى عام 2010 كان القطاع السياحي يشكل مصدر دخل رئيس لحوالي 250 ألف شخص يمني، يعيلون أكثر من مليون نسمة من إجمالي السكان البالغ عددهم نحو 27 مليوناً». وتذهب تقديرات محلية أخرى إلى أن حوالي 90 في المائة من العمالة في القطاع السياحي تم تسريحها بشكل نهائي، بينما تعرضت المئات من المنشآت والمرافق السياحية للفساد والتدمير والعبث والنهب الحوثي المنظم.