“قائد الجيش البريطاني مسيكين ارتبش”.. قصة أغنية خلدت أقوى معركة في مدينة عدن قبل الاستقلال
“قائد الجيش البريطاني مسيكين ارتبش” شطر بيت من أغنية ثورية مواكبة، تلخص الموقف الثوري الحاصل حينها في الجنوب اليمني، المحتل من قبل الاستعمار البريطاني البغيض، الذي انتفض عليه اليمنيون انتفاضة عارمة، وعملوا على مواجهته، بالنار والحديد، وأشعلوها ثورة، تفاعلت معها كل المحافظات اليمنية، في الريف والحضر، خصوصاً وأن ثورة 26 سبتمبر كانت قد بدأت خطواتها الأولى في تثبيت النظام الجمهوري في الشمال، والعمل على دعم الثورة في الجنوب، التي اشتعلت شرارتها بعد عام واحد فقط، حيث كانت ردفان حمماً في وجه الاحتلال، في 14 أكتوبر من عام 1963م، لتتحول بعدها عدن إلى ثورة عارمة في كل شارع فيها وحي.
ظلت الثورة تتصاعد، حتى بلغت ذروتها 20 يونيو من العام 1967م.. أصبحت مدينة عدن مسرحاً كبيراً للثورة والنضال، والعمليات الفدائية التي شلت من حركة جنود الاحتلال، وأصبحت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس تفكر جدياً بالمغادرة.
حقق الفدائيون انتصارهم الكبير، وسيطروا على المعسكر البريطاني في كريتر، ويدعى بمعسكر (ارم بوليس، أي الشرطة العسكرية) وطردوا كل الجنود المتواجدين فيه، ليظلوا مسيطرين على المدينة أكثر من 14 يوماً، وهو المعسكر الذي أطلق عليه فيما بعد “معسكر عشرين” تخليداً لهذه الذكرى وشهدائه الكبار، منهم الشهيدان عبدالنبي مدرم، وعلي سالم يافعي.
عايش البريطانيون مرارة الهزيمة في هذه الملحمة الثورية، والتي عبرت عنها الأغنية، (قائد الجيش البريطاني مسيكين ارتبش)، والذي كتب كلماتها الفنان محمد سعد عبدالله، وترنم بها محمد مرشد ناجي بصوته الثوري الهادر، والتي وصفت وقعها على قلب قائد الجيش في عدن، الذي فقد صوابه، بعد الهزيمة والضربة الحاسمة التي أصابت قواته بمقتل، كون كريتر، تمثل موقعاً استراتيجياً، ومتحكماً ببقية مناطق عدن.
وتشير الأغنية إلى أن خطة الفدائيين كانت محكمة ومفاجئة، وأنها نفذت بشكل تنظيمي معقد، لم تلاحظه استخبارات الاحتلال ولا عملائه، فكانت هزيمة لها أثرها على قائد قوات الاحتلال، فلم يستطع أن يعمل شيئاً، أو حتى أن يتحرك، كان عليه فقط أن يفر هارباً وينجو بنفسه، تاركاً معداته العسكرية خلفه غنيمة للثوار.
ويؤكد بعض الدارسين إلى أن العملية الفدائية لم تؤرخها الأغنية فقط، بل تم الاحتفاء بها في عدد من الدول العربية، إذ جاءت بعد أيام من نكسة حزيران يونيو، أو ما يعرف بالعدوان الإسرائيلي على مصر واحتلاله القدس الشرقية والضفة والجولان.
ويشيرون إلى أن إذاعة صوت العرب من القاهرة أعلنت انتصار فدائيي الجبهة القومية في عدن، وتحولت برامج الإذاعة إلى التغني بأغاني الثورة اليمنية.
وجسدت معركة 20 يونيو التلاحم الشعبي الكبير، والذي أظهرته الأغنية أيضاً، حيث واكبت المعركة مظاهرات عارمة شهدتها بقية أحياء ومدن عدن، التي قطعت الشوارع، حتى لا تصل قوات الاحتلال إلى ساحة المعركة في كريتر، كما رافقها عصياناً مدنياً شل من حركة الحياة في مدينة عدن.
في المعركة، قتل 23 من جنود الاحتلال البريطاني، والعشرات من الجرحى، بينما فر البقية من ساحة المعركة، وتركوا أسلحتهم، لخلد يوم عشرين بعدها كيوم للشرطة في جنوب البلاد، قبل الوحدة، تذكيراً ببطولات الفدائيين وبسالتهم، التي أفشلت فرق القوات البريطانية المتخصصة، والتي استخدمت كل الأسلحة بما فيها الطيران.
تمتاز الأغنية بكلماتها الشعبية البسيطة، والتي انتشرت انتشاراً كبيراً في أوساط الفدائيين، والمواطنين على حد سواء، كونها توصف المعركة البطولية، وتذكر بالفزع والرعب الذي عاشه البريطانيون، وهم يواجهون من أسموهم بأنفسهم “الذئاب الحمر” الذين لا يهابون الموت، ومستعدون للتضحية جميعهم..
من كلمات الأغنية
يوم عشرين الأغر ضيع صوابه
يوم جاه العلم بالهاتف إلى بيته غبش
شل بابوره ولما داخل الجولة احتوش
ما قدر يوصل إلى خيمة صحابه
كيف با يوصل وصوت المدفع الرشاش رش
من جبل شمسان يصليهم عذابه
طاح في قوات جيشه قال قوموا ياحوش
بس ما حد منهم رد الإجابة
قائد الجيش البريطاني مسكين ارتبش
يوم عشرين الاغر ضيع صوابه
*نقلا عن سبتمبر نت