الشهيد قاسم هيثم سعد الحجيلي.. المناضل الذي “أرهق” جنود الاستعمار البريطاني في جبال ردفان
في إحدى القرى المعلقة في جبال ردفان، التابعة لمحافظة لحج، ولد البطل المناضل، “قاسم هيثم سعد معوضة الحجيلي”، ليعيش فيها حياة شاقة، نتيجة الأوضاع التي تعيشها البلاد الممزقة حينها بين كهنوت إمامي في الشمال، واستعمار بغيض في الجنوب، إلا أنها الحياة التي عملته الشموخ وعدم الاستكانة في جبال ترفض كل أشكال الاستعمار، فكانت الشرارة الأولى منها في 14 أكتوبر 1963م، والتي كان المناضل الحجيلي من مشعلي أوارها، الذي امتد سريعاً لتشتعل كل المناطق بما فيها عدن، وأصبح كل يمني يعلنها مدوية “برع برع يا استعمار”.
عاش اللحظات الأولى للكفاح المسلح، وكان من صانعيه بخفة وشجاعة، ما زال يتذكرها رفاق السلاح، من المناضلين، وكان قد غادرهم بعد فترة قليلة من الاستقلال الناجز، الذي كان بعد أربع سنوات من انطلاق الثورة، وذلك في 30 نوفمبر من العام 1967م.
تقول ابنته “هاجر” لموقع “سبتمبر نت” بأن والدها المناضل ينحدر من قبيلة آل الحجيلي التي سكنت في منطقة “الزقم” بجبال ردفان، والتي عاش فيها حياة طفولته، وتعلم في أحد مدارسها، التي تم إنشاؤها حينها.
وتؤكد أن والدها كان يشعر بما أحدثه المستعمر البريطاني فيتألم لما آلت إليه أوضاع الناس، انعكس ذلك في تعامله مع محيطه الاجتماعي، إضافة إلى أنه عرف منذ بداية شبابه، بأنه صريح الكلمة والرأي، مجاهراً برفض الاستعمار في بلاده.. فبدأ يوجه بضرورة مقاومة المستعمر وعدم السماح له بالبقاء على أرض وطنه فكانت تراوده فكرة المقاومة المسلحة منذ وقت مبكر، وكان له ذلك.
وجد نفسه مع بقية المقاتلين، يتدرب على أنواع السلاح في مدينة تعز، ثم ليعود بعدها لتبدأ معاركه البطولية التي أرهقت المستعمر البغيض، في جبال ردفان، كان وجهاً لوجه مع الاحتلال، حاملا بندقيته، إلا أنه تغلب على الجندي البريطاني بشجاعته وإقدامه، ولم تخفه ترسانته الضخمة والحديثة بما فيها الطائرات.
ساعدته معرفته بالمنطقة التي يقاتل فيها، إضافة إلى أنه كان لا يهاب أي شيء، فكانت مشاركته في الثورة كبيرة، ومهمة وفي صفوف الفدائيين، وعند النظر إلى سيرته، نعرف لماذا أطلقت عليه وزملاءه بريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس بـ”الذئاب الحمر”.
تشير ابنته هاجر إلى أن والدها جند نفسه لمقارعة جنود الاحتلال، ونذر وقته كله لذلك، فكان سبباً بانتصار المقاومين، مخلصاً لقضيته، من خلال التصدي الباسل لأرتال الاحتلال، حيث كان يراقبهم ويعرف كل تحركاتهم، كما كان يعد الكمائن لهم، فعمل قيادات الاستعمار على تغيير خططهم، واستراتيجيتهم، التي كان يحفظها المناضل (هيثم قاسم سعد) عن ظهر قلب.
وأفادت أن صمود والدها ومن معه في جبال ردفان، دفعت البريطانيين إلى أن يرسلوا الفرق الخاصة، المدربة تدريباً قتالياـ لمواجهتهم، إلا أن كلها كانت تعود تجر قتلاها وأذيال الهزيمة.
وتقول هاجر الحجيلي إن بطولة هؤلاء الفدائيين، أصبحت على كل لسان، إذ غدوا قدوات ونماذج يحتذى بها، بمن فيهم والدها، فانضم إليهم الكثير من الشباب من قرى ردفان، وانتقلت مقاومة المستعمر إلى الطور الجماعي الكبير، الأكثر تنظيماً.. مضيفة “كان أمر التخطيط في الهجوم وتعقب العدو يعود لقادة جماعة الذئاب الحمر، وكان قاسم هيثم من أشجعهم وأقدرهم على مباغتة العدو في وكره.
وتتذكر أن والدها كان رفيقاً لمناضل آخر لا يقل عنه شجاعة وإقداماً وهو الشهيد ثابت حسن، وكان معاً يمتاز بخفة الحركة، والدقة في التصويب، ويقول عنهم رفاقهم كما تروي بأنهما يعدان للهجوم على القوات البريطانية المرابطة في (الربوة)، وكانا يتقدمان معاً ويصعدا قمة الجبل المطل على نقيل (الربوة)، فيبدأن بمباغتة العدو والهجوم عليهم ويطلقان النار من بنادقهما ثم يلحقان بهما بقية رفاقهم.
استشهد هيثم قاسم سعد بعد أن بدأت التصفيات بين رفاق النضال، بعد الاستقلال، وذلك في الأحداث، التي عرفت حينها بين الجبهة القومية وجبهة التحرير، وكون مناضلنا من الأخيرة، فقد جند له الكثير من أجل قتله والتخلص منه، إلا أنه كان حذراً كما تحدثت ابنته، التي تحفظ تاريخ نضال أبيها عن ظهر قلب، وتفتخر به لأن نضاله، حسبت له بريطانيا ألف حساب، وكان جنودها لا يتمنون أكثر من أن ينالوا منه إلا أنه نال منهم وحقق استقلال بلاده، وكانت فرحته حين رأى آخر جندي مستعمر يغادر دون رجعة.