سبتمبر الفن.. "المرشدي" صوت الثورة وحارس الموروث الغنائي

(بعدسة الفنان عبدالرحمن الغابري)

المدنية أونلاين/كتب/موسى عبدالله قاسم:

عشرات الفنانين اليمنيين برزوا خلال النصف الثاني من القرن الماضي، وبلغوا من المجد الغنائي مبلغه، إلا أن الفنان اليمني الكبير الأستاذ الراحل محمد مرشد ناجي كان الفنان الاستثناء، مغْنىً وحضوراً ثقافيا، ذلك لأن الكثير من الفنانين اليمنيين الذين تفتقت مواهبهم تحت شمس الجمهورية والثورة السبتمبرية الأكتوبرية جاءوا إلى الفن هواة دون أن يكون لهم خلفية ثقافية فنية ترفد موهبتهم وتصقلها، في حين كان المرشدي مختلفا في فنه وثقافته، وهو ما بدا واضحاً من خلال مؤلفاته الهامة عن الموروث الغنائي اليمني لاسيما كتاب أغانينا الشعبية وكتاب الغناء اليمني ومشاهيره.

هذه الثقافة الواسعة للفنان المرشدي رحمه الله، أثرت فيه على المستوى الوطني، رغم حالة التشطير التي كانت تعيشها اليمن قبل الوحدة، إلا أن المرشدي كان يتغنى باليمن كل اليمن، تغى بثورة سبتمبر وثوارها وغنى للثوار الذين كانوا يقارعون المحتل البريطاني فكانت أغانيه تلهب مشاعر الثوار وتستنهض الروح الوطنية اليمنية، وهو ما بدا واضحا في كثير من أغانيه الوطنية الرفعية لحناً وكلِماً.

في أغنيته أنا الشعب، كان المرشدي صوت الشعب وإيقاعاته الوطنية، من تلك الأغنية:
أنا الشعبُ زلزلة ٌعاتية
ستخمد نيرانَهمْ غضبتي
ستخرس أصواتهمْ صيحتي
أنا الشعبُ عاصفةٌ طاغية

هذه المقطوعة الباذخة بلحنها الثوري كانت تحرك الجموع ضد المحتل البريطاني وتوقظ كل غافل عن مقارعته، ولاتزال إلى اليوم.

 أما في أغنيته "بالله عليك ياطير" للشاعر سعيد الشيباني، كان المرشدي لسان حال أبناء اليمن في المحافظات الجنوبية بعد انبلاج فجر سبتمبر العظيم، كان يناجي الطير وصنعاء مبلغ حلمه، وثوار سبتمبر ملاذه وملاذ الأمة، وفي تلك الأغنية يقول:
صوت المذيع بكر يدق بابي
مثل الصباح أعاد لي شبابي
يعلن على الدنيا على الروابي
شرع السماء وحكمنا النيابي
أنا فدا صنعاء فدا بلادي
فدا حقول البن في وسط وادي
أنا فدا (السلال) بكر ينادي
من (الحسن) و(البدر) حرر بلادي

وفي أغنية "هنا ردفان" نجد المرشدي يشد من أزر الثوار، ويحثهم على التمسك بالثورة ويحفظوا نضالات الأحرار، لاسيما بطل ثورة سبتمبر ومفجر امتدادها الطبيعي ثورة أكتوبر من جبال ردفان الشامخة البطل غالب بن راجح لبوزة رحمه الله:
هنا ردفان من عقلي ولبي
هنا ردفان من روحي وقلبي
هنا كوخي هنا أهلي وصحبي
هنا وطني الكبير وكل حبي
هنا ذهبت جدودي
لتصنع لي وجودي
وتكسر بي قيودي

محمد مرشد ناجي لم يكن فنانا وحسب، بل حارساً أمينا للفن اليمني، ذلك الموروث الغنائي الذي كان وسيظل مهد الفن في الجزيرة العربية كلها ومنه مُشِجتْ كل الفنون ألحاناً وترانيم.