يا نجم يا سامر.. حكاية أغنية

المدنية أونلاين/كتب/د. عبدالله معمر:

في عام 1948م اتجه اليافع سعيد الشيباني من قريته بني شيبة المعافر إلى عدن بهدف الدراسة. وأثناء انحداره في نقيل بسيط متوجها صوب المَصَلّى في الأحكوم حيث تقف السيارات المتجهة إلى مدينة عدن، كون المَصلّى تقع نهاية خط وصول السيارات، في نقيل بسيط رافقه في السير عدد من الجنود الهاربين من تعز بعد دخول الإمام أحمد مدينة صنعاء عقب ثورة 1948، والتي رسمت صورة وهيئة العسكر المرافقين له في تلك الأثناء.

سعيد الشيباني وصل إلى منطقة المصلى أحكوم في وقت متأخر قليلا لم يتمكن فيه من اللحاق بالسيارة المتجهة إلى عدن فقد غادرت صوب المفاليس خبت الرجاع، عدن كعادتها في الانطلاق كل صباح باكرا. 

اضطر سعيد الشيباني للجلوس بقية النهار وكل الليل في انتظار صباح الغد لركوب السيارة، فمثل ذلك فرصة لأن يتمتع الشيباني بضوء القمر وسطوعه ليلا في سماء المصلى مع صفاء السماء في الليل ما يعطي المكان جوا شاعريا مصحوبا بخرير الماء من الغيل المتدفق في وادي ذي العرش، المار وسط المصلى.

سعيد الشيباني اليافع في تلك الفترة لم يكن يتجاوز الرابعة عشر من العمر، لكنه كون صورة ذهنية متكاملة في الذاكرة ظلت تلك الصورة مخزونة في اللاشعور لمدة عشر سنوات، حتى العام 1958، عندما كان يدرس في القاهرة بموجب حصوله على منحة دراسية حصل عليها من قبل الاتحاد اليمني بترشيح من الشيخ عبدالله علي الحكيمي أثناء ترأس الشيخ الحكيمي للاتحاد بعد عودته من بريطانيا 53-54م، بناء على اتفاق الشيخ الحكيمي مع الحكومة المصرية بعد ثورة 23 يوليو، والتي قابل الشيخ عبدالله الحكيمي قادتها ومنهم الرئيس محمد نجيب.

صورة المصلى والقمر والنجوم وعساكر الإمام الهاربين إلى عدن بعد فشل الثورة بزيهم التقليدي ظلت عالقة في ذاكرته، استنهضت بانطفاء التيار الكهربائي في الحي الذي يسكنه سعيد الشيباني في القاهرة مع تسلط ضوء القمر على بلكونة شقته، وتبرز شاعريته من العمق اللاشعوري إلى الظاهر الشعوري. ويكتب لنا لوحة المصلى:
يـا نـجم يا سامر فوق المصلى
كل من معه محبوب وأنا لي الله
والاخـضري من العدين بكّــــر
مشــدته بيضاء ومشقره أخضر
فــرحي أنا فرح الذرة بمبكــــر
فرح الشجر ساعة نزول الأمـطار
حُبيّبي يا غصـن فوق قـلــــه
ورد الصبـــــاح تعانقت بفـــــلة
أيحين تعود شوقي كما الأهلة
أحلفــــك بكـــــل دين وملـــــة
لما تعـــود شهديك ألف حُـــلة
ومن هجير الشمـس أنا مظلــة
شوقي إليك شوق الزهور مطلة
شـــاصبر عليك لما يردك الـله
هجرتني والقلب غيــر سالــي
كل السبب عساكـر الحلالـــي
بكّر من التربة غبش يلالي
بيده سبيل بجيبه أمر عالي 

وبالانتهاء من كتابتها وجد أنها تستحق ان تغنى، تواصل مع الفنان أحمد السنيدار الذي كان يدرس في القاهرة آنذاك، لكنه بعد الاطلاع عليها أعادها اليه قائلا إنها تصلح لأن تكون بصوت أحد الفنانين من عدن مرشحا محمد مرشد ناجي أو محمد سعد عبدالله فهي تطابق صوتيهما.

الشيباني وجد شخصاً مسافراً (من القاهرة) إلى عدن فحمل القصيدة معه، ونسي كل شيء، لكنه بعد عام كانت المفاجأة للشيباني عندما فتح إذاعة "صوت العرب" التي كانت تذيع الأغنية عبر أثيرها في العام 1959م لأول مرة.
*نقلا عن مركز نشوان الحميري للدراسات والاعلام

للاستماع للأغنية بصوت الفنان محمد مرشد ناجي:
https://youtu.be/NdKY7J7uXBA
وبصوت الفنان فهد بلان:
https://youtu.be/qwYqQUHF8uQ