شارعُ الخامسةِ صباحًا

المدنية أونلاين ـ متابعات خاصة :

طائرانِ رماديّانِ

 

السُّكّانُ خَلْفَ النّوافذِ في منازلِهِم الخامِدة

ونحنُ مُعَلّقانِ في الهواءِ

كَطائرَيْنِ رمادِيّينِ،

يُراقبانِ بؤرَتيْنِ مَجْهولَتيْن

في حقلِ فراغٍ مُسْتَوٍ.

 

*

 

الرّيحُ لا تَنْحَسِرُ إلّا لِتَهُبَّ من جديدٍ

كاندِلاعِ هديرٍ وَحشيٍّ في رأسَيْنا.

 

*

 

السّكانُ يتحرّكونَ

خَلْفَ النوافذِ

مِثلَ عالمٍ يدورُ بِبُطءٍ

مِثلَ أطيافٍ تَعْتُمُ

وتُضيءُ كمطْلَعِ الفُصول.

 

استعادة

 

قُلْتُ لكَ هذا مِنْ قبلُ

وأنتَ وافَقْتني:

الأشياءُ تتراءى مِنْ جديدٍ

مَرّةً أخرى،

مِنْ حيثُ نَدْري

أوْ لا نَدْري

بعدَ اختِفائها.

 

كُلُّ شيءٍ يتبدّلُ

كَيْ لا يتغَيّرَ أيُّ شيءٍ

في العُمْق،

كَما قالوا في فيلْمِ البارحةِ

الّذي شاهدناهُ معًا.

 

فاصلة

 

الغيومُ تَتحرّكُ وتنتَقِلُ فوقَ

فاصِلةٍ وحيدَةٍ تَمْشي على الجِسْر.

فاصِلَةٌ تَدِبُّ على قَدَمين وتَبْتَعِدْ.

 

الأشجارُ تتحرّكُ وتَبْقى

موغِلةً في تواريخِ التّراب.

 

قَدَرٌ غادِرٌ

وقَدَرٌ جاحِدٌ

يتَخاصمانِ ولا يتواجهانِ.

 

واحدٌ في الأعلى

وآخرُ في الأسفَل.

 

وهناكَ آخرُ أعلى من الأعلى

إذْ ثمّةَ غُيومٌ تَعْلو مثيلاتِها،

ولا يهِزُّ الطّبيعةَ سوى ذاكَ الانفجارُ الذي

يُحدِثُهُ الجِسرُ حينَ يكونُ مفتوحًا

وينغلِقُ دفعةً واحدة.

 

وذاكَ انفجارٌ يحدثُ أحيانًا في الفُسْحاتِ النائيةِ

بينَ يديكَ

وأنتَ تُفكّكُ العبوّةَ المزروعةَ بينَ فواصلِ

أنفاسك،

أوْ عندَ مفارقِ صوتِكَ

وفي ثنايا كلماتكَ.

 

فاصلةٌ وحيدةٌ تمشي على الجِسْرِ فوقَ النهرِ

وتدِبُّ على قدمينِ.

وقبلَ أن تغيبَ يَهْبِطُ  ظِلُّها

في الماء.

طيفُ جسَدٍ كاملٍ

برأسٍ عنيدٍ

وكتِفَيْنِ عريضتينِ

وذراعيْنِ قويّتينِ

ورِجْلينِ طويلتينِ

ونيّةٍ مبيّتَةٍ في القفزِ

من مكانٍ مرتَفِعْ.